الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والختم ) مرة سنة ومرتين فضيلة وثلاثا أفضل . ( ولا يترك ) الختم ( لكسل القوم ) [ ص: 47 ] لكن في الاختيار : الأفضل في زماننا قدر ما لا يثقل عليهم ، وأقره المصنف وغيره . وفي المجتبى عن الإمام : لو قرأ ثلاثا قصارا أو آية طويلة في الفرض فقد أحسن ولم يسئ ، فما ظنك بالتراويح ؟ وفي فضائل رمضان للزاهدي : أفتى أبو الفضل الكرماني والوبري أنه إذا قرأ في التراويح الفاتحة وآية أو آيتين لا يكره ، ومن لم يكن عالما بأهل زمانه فهو جاهل .

التالي السابق


( قوله والختم مرة سنة ) أي قراءة الختم في صلاة التراويح سنة وصححه في الخانية وغيرها ، وعزاه في الهداية إلى أكثر المشايخ . وفي الكافي إلى الجمهور ، وفي البرهان : وهو المروي عن أبي حنيفة والمنقول في الآثار . قال الزيلعي : ومنهم من استحب الختم في ليلة السابع والعشرين رجاء أن ينالوا ليلة القدر ، لأن الأخبار تظاهرت عليها . وقال الحسن عن أبي حنيفة : يقرأ في كل ركعة عشر آيات ونحوها ، وهو الصحيح لأن السنة الختم فيها مرة وهو يحصل بذلك مع التخفيف لأن عدد ركعات التراويح في الشهر ستمائة ركعة وعدد آي القرآن ستة آلاف آية وشيء . ا هـ . وما في الخلاصة من أنه يقرأ في كل ركعة عشر آيات حتى يحصل الختم في ليلة السابع والعشرين ونحوه في الفيض فيه نظر لأن توزيعة عشرا فعشرا يقتضي الختم في الثلاثين إلا أن يكون مع ضم الوتر ، لكن في الخانية وغيرها ما يفيد تخصيص التراويح ، وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل . [ ص: 47 ] وفي شرح المنية : ثم إذا ختم قبل آخر الشهر قيل لا يكره له ترك التراويح فيما بقي لأنها شرعت لأجل ختم القرآن مرة قال أبو علي النسفي ، وقيل يصليها ويقرأ فيها ما شاء ذكره في الذخيرة ا هـ .

( قوله الأفضل في زماننا إلخ ) لأن تكثير الجمع أفضل من تطويل القراءة حلية عن المحيط . وفيه إشعار بأن هذا مبني على اختلاف الزمان ، فقد تتغير الأحكام لاختلاف الزمان في كثير من المسائل على حسب المصالح ، ولهذا قال في البحر : فالحاصل أن المصحح في المذهب أن الختم سنة لكن لا يلزم منه عدم تركه إذا لزم منه تنفير القوم وتعطيل كثير من المساجد خصوصا في زماننا فالظاهر اختيار الأخف على القوم .

( قوله وفي المجتبى إلخ ) عبارته على ما في البحر : والمتأخرون كانوا يفتون في زماننا بثلاث آيات قصار أو آية طويلة حتى لا يمل القوم ولا يلزم تعطيلها ، فإن الحسن روى عن الإمام أنه إن قرأ في المكتوبة بعد الفاتحة ثلاث آيات فقد أحسن ولم يسئ ، هذا في المكتوبة فما ظنك في غيرها ؟ ا هـ .

( قوله وآية أو آيتين ) أي بقدر ثلاث آيات قصار بدليل عبارة المجتبى ، وإلا فلو دون ذلك كره تحريما لما في المنية وشرحها في بحث صفة الصلاة : لو قرأ مع الفاتحة آية قصيرة أو آيتين قصيرتين لم يخرج عن حد كراهة التحريم ، وإن قرأ ثلاثا قصارا أو كانت الآية أو الآيتان تعدل ثلاث آيات قصارا خرج عن حد الكراهة المذكورة ولكن لم يدخل في حد الاستحباب . وينبغي أن يكون فيه كراهة تنزيه إلخ أي لأن السنة قراءة المفصل ، فقوله هنا لا يكره أي لا تحريما ولا تنزيها ، وإن كره في الفرائض تنزيها فافهم .

هذا ، وفي التجنيس : واختار بعضهم سورة الإخلاص في كل ركعة ، وبعضهم سورة الفيل : أي البداءة منها ثم يعيدها ، وهذا أحسن لئلا يشتغل قلبه بعدد الركعات . قال في الحلية : وعلى هذا استقر عمل أئمة أكثر المساجد في ديارنا إلا أنهم يبدءون بقراءة سورة التكاثر في الأولى والإخلاص في الثانية ، وهكذا إلى أن تكون قراءتهم في التاسعة عشر بسورة تبت وفي العشرين بالإخلاص ا هـ زاد في البحر : وليس فيه كراهة في الشفع الأول من الترويحة الأخيرة بسبب الفصل بسورة واحدة لأنه خاص بالفرائض كما هو ظاهر الخلاصة وغيرها . ا هـ .

قلت : لكن الأحوط قراءة النصر وتبت في الشفع الأول من الترويحة الأخيرة ، والمعوذتين في الشفع الثاني منها ، وبعض أئمة زماننا يقرأ بالعصر والإخلاص في الشفع الأول من كل ترويحة ، وبالكوثر والإخلاص في الشفع الثاني .




الخدمات العلمية