الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          565 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن سهل بن أبي حثمة أنه قال في صلاة الخوف قال يقوم الإمام مستقبل القبلة وتقوم طائفة منهم معه وطائفة من قبل العدو ووجوههم إلى العدو فيركع بهم ركعة ويركعون لأنفسهم ويسجدون لأنفسهم سجدتين في مكانهم ثم يذهبون إلى مقام أولئك ويجيء أولئك فيركع بهم ركعة ويسجد بهم سجدتين فهي له ثنتان ولهم واحدة ثم يركعون ركعة ويسجدون سجدتين قال أبو عيسى قال محمد بن بشار سألت يحيى بن سعيد عن هذا الحديث فحدثني عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري وقال لي يحيى اكتبه إلى جنبه ولست أحفظ الحديث ولكنه مثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري قال أبو عيسى وهذا حديث حسن صحيح لم يرفعه يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد وهكذا روى أصحاب يحيى بن سعيد الأنصاري موقوفا ورفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد وروى مالك بن أنس عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عن من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فذكر نحوه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وإسحق وروي عن غير واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين ركعة ركعة فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان ولهم ركعة ركعة قال أبو عيسى أبو عياش الزرقي اسمه زيد بن صامت

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن صالح بن خوات ) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الواو وبالتاء الفوقانية أنصاري مدني تابعي مشهور غزير الحديث سمع أباه وسهل بن أبي حثمة ( عن سهل بن أبي حثمة ) الأنصاري الخزرجي المدني صحابي صغير ولد سنة ثلاث من الهجرة وله أحاديث ، مات في خلافة معاوية .

                                                                                                          قوله : ( فيركع بهم ركعة ويركعون لأنفسهم ركعة ويسجدون لأنفسهم سجدتين في مكانهم ثم يذهبون في مقام أولئك ) وفي رواية مالك وفي الموطأ فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذي معه ثم يقوم فإذا استوى قائما ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون وينصرفون والإمام [ ص: 125 ] قائم فيكونون وجاه العدو ( ويجيء أولئك فيركع بهم ركعة ويسجد بهم سجدتين ) أي ثم يسلم وحده ( فهي ) أي فهذه الصلاة ( له ) -صلى الله عليه وسلم- ثنتان أي : ركعتان ( ولهم ) أي لكل واحد من الطائفتين ( واحدة ) أي ركعة واحدة ( ثم يركعون ركعة ويسجدون سجدتين ) أي ثم يسلمون .

                                                                                                          وفي رواية مالك في الموطأ : ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم ويسجد بهم ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الثانية ثم يسلمون .

                                                                                                          قوله : ( قال محمد بن بشار : سألت يحيى بن سعيد ) أي : القطان ( عن هذا الحديث ) أي : هل بلغك هذا الحديث مرفوعا أم لا ( فحدثني ) أي : يحيى القطان ( بمثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري ) المذكور الموقوف ( وقال لي : اكتبه إلى جنبه ) هذا مقول محمد بن بشار ، أي : وقال لي يحيى بن سعيد القطان : اكتب الحديث الذي رويته عن شعبة مرفوعا إلى جنب الحديث الذي رويته عن يحيى بن سعيد الأنصاري موقوفا ( ولست أحفظ الحديث ) أي قال يحيى القطان : لست أحفظ لفظ الحديث الذي رويته عن شعبة مرفوعا ( لكنه ) أي لكن الحديث المرفوع ( مثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري ) الموقوف المذكور .

                                                                                                          تنبيه :

                                                                                                          اعلم أن بعض العلماء الحنفية قد فسر قوله : وقال لي : اكتبه إلخ هكذا ؛ قوله : وقال لي : [ ص: 126 ] اكتبه -مقولة يحيى ؛ أي قال لي شعبة : اكتب هذا الحديث الذي رويت لك إلى جنب الحديث الذي رويت عن يحيى بن سعيد الأنصاري انتهى . وفي هذا نظر كما لا يخفى على المتأمل فتأمل .

                                                                                                          قوله : ( وهذا حديث حسن صحيح ) أي هذا الحديث الموقوف الذي رواه يحيى بن سعيد الأنصاري حسن صحيح وأخرجه مالك في الموطأ والبخاري ومسلم أيضا .

                                                                                                          - قوله : ( وبه ) أي بحديث سهل بن أبي حثمة ( يقول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق ) وأخذ أبو حنيفة بحديث عبد الله بن عمر المذكور كما تقدم بيان ذلك ( وروي عن غير واحد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بإحدى الطائفتين ركعة ركعة إلخ ) أخرج روايات هؤلاء أبو داود في سننه من شاء الاطلاع عليه فليرجع إليه .

                                                                                                          وأخرج الشيخان عن جابر قال : أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، حتى إذا كنا بذات الرقاع الحديث ، وفيه : فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، قال : فكانت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربع ركعات وللقوم ركعتان . ولا اختلاف بين هذا وبين ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى بإحدى الطائفتين ركعة ركعة لاختلاف القصتين .




                                                                                                          الخدمات العلمية