الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5274 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا الشيباني قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجر الأخضر قلت أنشرب في الأبيض قال لا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عبد الواحد ) هو ابن زياد ، والشيباني هو أبو إسحاق سليمان بن فيروز ، ووقع في رواية الإسماعيلي " حدثني سليمان الشيباني " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن الجر الأخضر ) في رواية الإسماعيلي " عن نبيذ الجر الأخضر " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت ) القائل هو الشيباني .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال لا ) يعني أن حكمه حكم الأخضر ، فدل على أن الوصف بالخضرة لا مفهوم له ، وكأن الجرار الخضر [ ص: 64 ] حينئذ كانت شائعة بينهم فكان ذكر الأخضر لبيان الواقع لا للاحتراز . وقال ابن عبد البر : هذا عندي كلام خرج على جواب سؤال ، كأنه قيل الجر الأخضر ، فقال : لا تنبذوا فيه ، فسمعه الراوي فقال : نهى عن الجر الأخضر . وقد روى ابن عباس " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن نبيذ الجر " قال : والجر كل ما يصنع من مدر . قلت : وقد أخرج الشافعي عن سفيان عن أبي إسحاق عن ابن أبي أوفى " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض والأحمر " فإن كان محفوظا ففي الأول اختصار ، والحديث الذي ذكره ابن عبد البر أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما ، قال الخطابي : لم يعلق الحكم في ذلك بالخضرة والبياض ، وإنما علق بالإسكار ، وذلك أن الجرار تسرع التغير لما ينبذ فيها ، فقد يتغير من قبل أن يشعر به ، فنهوا عنها . ثم لما وقعت الرخصة أذن لهم في الانتباذ في الأوعية بشرط أن لا يشربوا مسكرا . وقد أخرج ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن أبي أوفى أنه كان يشرب نبيذ الجر الأخضر وأخرج أيضا بسند صحيح عن ابن مسعود " أنه كان ينبذ له في الجر الأخضر " ومن طريق معقل بن يسار وجماعة من الصحابة نحوه ، وقد خص جماعة النهي عن الجر بالجرار الخضر كما رواه مسلم عن أبي هريرة ، قال النووي : وبه قال الأكثر - أو الكثير - من أهل اللغة والغريب والمحدثين والفقهاء ، وهو أصح الأقوال وأقواها ، وقيل إنها جرار مقيرة الأجواف يؤتى بها من مصر أخرجه ابن أبي شيبة عن أنس ، وقيل مثله عن عائشة بزيادة : أعناقها في جنوبها ، وعن ابن أبي ليلى : جرار أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف وكانوا ينبذون فيها يضاهون بها الخمر . وعن عطاء : جرار تعمل من طين ودم وشعر . ووقع عند مسلم عن ابن عباس أنه فسر الجر بكل شيء من مدر ، وكذا فسر ابن عمر الجر بالجرة وأطلق ، ومثله عن سعيد بن جبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية