الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ ) هذا المذهب ، نص عليه ، وجزم به في الوجيز ، والخرقي ، وابن رزين في شرحه ، وتذكرة ابن عبدوس . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، والرعاية الصغرى . وعنه المعتبر إمكان سماع النداء . قدمه في المذهب ، ومسبوك الذهب ، [ ص: 366 ] والرعاية الكبرى ، وابن تميم . وزاد فقال : المعتبر إمكان سماع النداء غالبا . انتهى . وعنه بلى المعتبر سماع النداء لإمكانه . وهو ظاهر ما جزم به ابن رزين ، وصاحب تجريد العناية . وقال في الهداية : إذا كان مستوطنا يسمع النداء ، أو بينه وبين موضع ما تقام فيه الجمعة " فرسخ " وتابعه على ذلك في الخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والإفادات والحاويين ، والمنور ، وإدراك الغاية وغيرهم . وعنه إن فعلوها ، ثم رجعوا لبيوتهم لزمتهم ، وإلا فلا . وأطلق الأولى والثالثة في التلخيص ، والبلغة . وأطلق الأولى والثانية والرابعة في المستوعب .

تنبيهان . أحدهما : أطلق أكثر الأصحاب ذكر الفرسخ . وقال بعضهم : فرسخ تقريبا . وهو الصواب . الثاني : أكثر الأصحاب يحكي الروايتين الأوليين . كما تقدم . وقال في الفائق : والمعتبر إمكان السماع فيحد بفرسخ ، وعنه بحقيقته . وقال ابن تميم بعد أن قدم الرواية الثانية وعنه تحديده بالفرسخ فما دون فمن الأصحاب من حكى ذلك رواية ثانية . ومنهم من قال : هما سواء ، الصوت قد يسمع عن فرسخ .

فائدة : فعلى رواية " أن المعتبر إمكان سماع النداء " فمحله : إذا كان المؤذن صيتا ، والأصوات هادئة ، والرياح ساكنة ، والموانع منتفية .

تنبيهان . أحدهما : قوله " ليس بينه وبين موضع الجمعة أكثر من فرسخ " إذا حددنا بالفرسخ ، أو باعتبار إمكان السماع ، فالصحيح من المذهب : أن ابتداءه من موضع الجمعة . قدمه في الفروع ، والحواشي . [ ص: 367 ]

وعنه ابتداؤه من أطراف البلد ، صححه المجد في شرحه ، وصاحب مجمع البحرين ، والنظم . وجزم به في التلخيص ، والبلغة ، والوجيز . وقدمه في الرعاية الكبرى ، والزركشي . وأطلقهما ابن تميم ، والفائق . ويكون إذا قلنا " من مكان الجمعة " من المنارة ونحوها . نص عليه ، وقال أبو الخطاب : المعتبر من أيهما وجد : من مكان الجمعة ، أو من أطراف البلد . الثاني : محل الخلاف في التقدير بالفرسخ ، أو إمكان سماع النداء ، أو سماعه ، أو ذهابهم ورجوعهم في يومهم : إنما هو في المقيم بقرية لا يبلغ عددهم ما يشترط في الجمعة ، أو فيمن كان مقيما في الخيام ونحوها ، أو فيمن كان مسافرا دون مسافة قصر . فمحل الخلاف في هؤلاء وشبههم . أما من هو في البلد التي تقام فيها الجمعة فإنها تلزمه ، ولو كان بينه وبين موضع الجمعة فراسخ ، سواء سمع النداء أو لم يسمعه ، وسواء كان بنيانه متصلا أو متفرقا ، إذا شمله اسم واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية