الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 406 ] فصل وهذه " الخلوات " قد يقصد أصحابها الأماكن التي ليس فيها أذان ولا إقامة ولا مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس ; إما مساجد مهجورة وإما غير مساجد : مثل الكهوف والغيران التي في الجبال ومثل المقابر لا سيما قبر من يحسن به الظن ومثل المواضع التي يقال إن بها أثر نبي أو رجل صالح ولهذا يحصل لهم في هذه المواضع أحوال شيطانية يظنون أنها كرامات رحمانية .

                فمنهم من يرى أن صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرة ويقول : أنا فلان ، وربما قال له : نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا كما جرى للتونسي مع نعمان السلامي . والشياطين كثيرا ما يتصورون بصورة الإنس في اليقظة والمنام وقد تأتي لمن لا يعرف فتقول : أنا الشيخ فلان أو العالم فلان وربما قالت : أنا أبو بكر وعمر وربما أتى في اليقظة دون المنام وقال : أنا المسيح أنا موسى أنا محمد وقد جرى مثل ذلك أنواع أعرفها [ ص: 407 ] وثم من يصدق بأن الأنبياء . يأتون في اليقظة في صورهم وثم شيوخ لهم زهد وعلم وورع ودين يصدقون بمثل هذا . ومن هؤلاء من يظن أنه حين يأتي إلى قبر نبي أن النبي يخرج من قبره في صورته فيكلمه . ومن هؤلاء من رأى في دائرة ذرى الكعبة صورة شيخ قال : إنه إبراهيم الخليل ومنهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه . وجعلوا هذا من كراماته ومنهم من يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه .

                وبعضهم كان يحكي : أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه . وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك : ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ؟ فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه ؟ . وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثه فهلا سألته فأجابها ؟

                التالي السابق


                الخدمات العلمية