الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فلا يجزئ عجفاء ) وهي التي ذهب مخها من الهزال بحيث لا يرغب في لحمها غالب طالبي اللحم في الرخاء للخبر الصحيح { أربع لا تجزئ في الأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها [ ص: 352 ] والكسيرة } وفي رواية { العجفاء التي لا تنقى } أي من النقي بكسر النون وإسكان القاف وهو المخ ( ومجنونة ) أي تولاء إذ حقيقة الجنون ذهاب العقل وذلك للنهي عنها ولأنها تترك الرعي أي الإكثار منه فتهزل وظاهر المتن وغيره كالخبر أنها لا تجزئ ولو سمينة لأنها مع ذلك تسمى معينة ( ومقطوعة بعض ) ضرع أو ألية أو ذنب أو بعض ( أذن ) أبين وإن قل حتى لو لم يلح للناظر من بعد لذهاب جزء مأكول ولما في خبر الترمذي { أنه صلى الله عليه وسلم أمر باستشراف العين والأذن } أي بتأملهما لئلا يكون فيهما نقص وعيب وقيل بذبح واسع العينين طويل الأذنين ونهى عن المقابلة أي مقطوع مقدم أذنها والمدابرة أي مقطوعة جانبها والشرقاء أي مثقوبتها والخرقاء أي مشقوقتها

                                                                                                                              وأفهم المتن عدم إجزاء مقطوعة كل الأذن وكذا فاقدتها بخلاف فاقدة الألية ؛ لأن المعز لا ألية له والضرع ؛ لأن الذكر لا ضرع له والأذن عضو لازم غالبا وألحقا الذنب بالألية واعترضا بتصريح جمع بأنه كالأذن بل فقده أندر من فقد الأذن ويتردد النظر فيما يعتاد من قطع طرف الألية لتكبر فيحتمل إلحاقه ببعض الأذن ويؤيده قولهم وإن قل

                                                                                                                              ويحتمل أنه إن قل جدا لم يؤثر كما يصرح به قولهم المخصص لعموم قولهم وإن قل لا يضر قطع فلقة يسيرة من عضو كبير وهذا أوجه ثم رأيت بعضهم بحث ذلك فقال ينبغي أن لا يضر قطع ما اعتيد من قطع بعض [ ص: 353 ] أليتها في صغرها لتعظم وتحسن كما لا يضر خصاء الفحل ا هـ . لكن في إطلاقه مخالفة لكلامهم كما علم مما قررته فتعين ما قيدته به وتردد الزركشي في شلل الأذن ثم بحث تخريجه على أكل اليد الشلاء وفيها وجهان قال فإن أكلت جاز وإلا فلا ا هـ وفيه نظر لاختلاف مدرك الإجزاء هنا والأكل كما في اليد الشلاء تؤكل وتمنع الإجزاء

                                                                                                                              والذي يتجه أن شلل الأذن كجربها فإن منع هذا فأولى الشلل وإلا فلا ( وذات عرج ) بين بأن يوجب تخلفها عن الماشية في المرعى الطيب وإذا ضر ولو عند اضطرابها عند الذبح فكسر العضو وفقده أولى وإن نازع ابن الرفعة في الأولوية ( و ) ذات ( عور ) فالعمياء أولى بين بأن يذهب ضوء إحدى عينيها ولو ببياض عمه أو أكثره كما نقله البلقيني واعتمده نعم لا يضر ضعف البصر ولا عدمه ليلا ( و ) ذات ( مرض ) بين وهو ما يظهر بسببه الهزال ( و ) ذات ( جرب بين ) للخبر السابق فيهن وعطف الأخيرة على ما قبلها من عطف الخاص على العام إذ الجرب مرض وسواء أنقصت بهذه العيوب أم لا

                                                                                                                              ( ولا يضر يسيرها ) أي الأربع لأنه لا يؤثر كفقد قطعة يسيرة من عضو كبير كفخذ ( ولا فقد قرن ) وكسره إذ لا يتعلق به كبير غرض وإن كانت القرناء أفضل للخبر فيه نعم إن أثر انكساره في اللحم ضر كما علم من قوله وشرطها إلخ ولا تجزئ فاقدة جميع الأسنان ونقل الإمام عن المحققين الإجزاء حمل على ما إذا لم يكن لمرض ولم يؤثر في الاعتلاف ونقص اللحم وهو بعيد لأنه لا يؤثر بلا شك كما قاله الرافعي بخلاف فقد معظمها فإنه لا يضر إن لم يؤثر في ذلك

                                                                                                                              ( وكذا شق أذن وخرقها وثقبها ) تأكيد لترادفهما ( في الأصح ) إن لم يذهب منها شيء لبقاء لحمها بحاله بخلاف ما إذا ذهب بذلك شيء وإن قل وعليه يحمل خبر الترمذي السابق أو يحمل على التنزيه لمفهوم خبر أربع السابق أي بناء على الاعتداد بمفهوم العدد أن ما سواها يجزئ

                                                                                                                              ( قلت الصحيح المنصوص يضر يسير الجرب والله أعلم ) لأنه يفسد اللحم والودك وألحق به البثور والقروح [ ص: 354 ] وبه يتضح ما قدمناه في الشلل

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 352 ] قوله : أي من النقي بكسر النون إلخ ) . وكان معنى لا تنقى حينئذ لا تتصف بالنقي أي المخ لفقده منها للهزال ( قوله : إذ حقيقة الجنون ذهاب العقل ) وذلك لا يتصور هنا لعدم العقل ( قوله : أبين ) أي كما يؤخذ من قول المتن الآتي وكذا شق أذنها وخرقها ( قوله : وكذا فاقدتها ) أي خلقة ( قوله : بخلاف فاقدة الألية إلخ ) اعلم أنه لا يضر فقد الألية ، والضرع ويضر مقطوعة بعض أحدهما ( قوله : أيضا بخلاف فاقدة الألية ) أي خلقة ( قوله : ويحتمل أنه إن قل جدا إلخ ) أفتى بهذا إذا كان المقطوع يسيرا شيخنا الشهاب الرملي [ ص: 353 ] قوله : وعطف الأخيرة على ما قبلها ) ليست معطوفة على ما قبلها على الصحيح فالأولى وذكر الأخيرة مع ما قبلها من ذكر الخاص بعد العام . ( قوله : لترادفهما ) يمكن حملهما على ما يمنع الترادف



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وهي التي ) إلى قوله وظاهر المتن في النهاية ، والمغني إلا قوله بحيث إلى للخبر ( قوله : ذهب مخها ) ، والمخ دهن العظام ا هـ . مغني زاد القليوبي فيشمل غير الرأس ا هـ . ( قوله وفي رواية العجفاء ) أي بدل [ ص: 352 ] الكسيرة ( قوله لا تنقى ) أي لا مخ لها ا هـ . مغني ( قوله : أي من النقي إلخ ) وكان معنى لا تنقى حينئذ لا تتصف بالنقاء أي المخ لفقده منها للهزال ا هـ . سم ( قوله : أي ثولاء ) أي بالمثلثة كما يستفاد من القاموس ا هـ . سيد عمر ، والذي في النهاية ، والمغني وشرح المنهج بالمثناة وفي القاموس لها معنى مناسب للمقام أيضا

                                                                                                                              ( قوله : إذ حقيقة الجنون ذهاب العقل ) أي وذلك لا يتصور هنا لعدم العقل ا هـ . سم ( قوله : وذلك للنهي عنها إلخ ) عبارة المنتقى نهى عنها لهزالها وقضيته إجزاء السمينة وهو الظاهر حيث سلم اللحم مع ذلك من الرداءة فلا يرد منع جرباء سمينة ا هـ . سيد عمر وقد يقال إن قضيته أيضا إجزاء العرجاء السمينة بالأولى ولكن جرى الشارح ، والنهاية ، والمغني على خلافه وأيضا قول الشارح الآتي وظاهر المتن إلخ صريح في خلاف ما استظهره من إجزاء المجنونة السمينة

                                                                                                                              ( قوله : للنهي عنها ولأنها إلخ ) عبارة النهاية لأنه ورد النهي عن الثولاء وهي المجنونة التي تستدير المرعى إلا القليل وذلك يورث الهزال ا هـ . ( قوله : تسمى معيبة ) فيه تأمل ( قوله : ضرع ) إلى قوله حتى في النهاية ، والمغني ( قوله : أو ألية ) أي لغير أن تكبر كما يأتي ( قوله أو ذنب ) أو لسان مغني و ع ش ( قوله أو بعض أذن ) الأنسب الأخصر أو أذن بأو وإسقاط بعض ( قوله : أبين ) أي كما يؤخذ من قول المتن الآتي وكذا شق أذنها وخرقها ا هـ . سم ( قوله : وإن قل ) قال أبو حنيفة إن كان المقطوع أي من الأذن دون الثلث أجزأ ا هـ . مغني وفي إيضاح المناسك للمصنف ولا يجزئ ما قطع من أذنه جزء بين . ا هـ . ويمكن حمله على ما في التحفة بأن يراد بالبين فيه ما لا يلوح للناظر من قرب

                                                                                                                              ( قوله : لم يلح ) بضم اللام ( قوله : وقيل ) أي في تفسير باستشراف العين إلخ بذبح العين إلخ ( قوله : ونهى إلخ ) عطف على أمر إلخ ( قوله وأفهم المتن ) إلى قوله وألحقا في النهاية وإلى قوله واعترضا في المغني ( قوله : وكذا فاقدتها ) أي خلقة ا هـ . سم عبارة ع ش أي بأن لم يخلق لها أذن أصلا أما صغيرة الأذن فتجزئ لعدم نقصها في نفسها كصغيرة الجثة وهل مثل قطع بعض الأذن ما لو أصاب بعض الأذن آفة أذهبت شيئا منها كأكل نحو القراد لشيء منها أو لا ويفرق بالمشقة التي تحصل بإرادة الاحتراز عن مثل ذلك فيه نظر ، والأقرب الثاني ا هـ .

                                                                                                                              وقوله : ، والأقرب الثاني فيه توقف ( قوله بخلاف فاقدة الألية ) أي خلقة وعلم أنه لا يضر فقد الألية أو الضرع ويضر مقطوعة بعض أحدهما ا هـ . سم عبارة المغني أما إذا فقد ذلك أي الضرع أو الألية أو الذنب بقطع ولو بعض منه أو قطع بعض لسان فإنه يضر لحدوث ما يؤثر في نقص اللحم ا هـ . ( قوله : لأن المعز لا ألية له ) بقي ما لو خلق المعز بلا ذنب هل تجزئ أم لا فيه نظر ثم رأيت الروض صرح بالإجزاء في ذلك ا هـ . ع ش ( قوله : والضرع ) والذنب مغني وزيادي ( قوله : والأذن ) بالنصب عطفا على المعز ( قوله : وألحقا الذنب بالألية ) اعتمده الروض ، والمغني والزيادي كما مر آنفا .

                                                                                                                              ( قوله : ويحتمل أنه إن قل جدا إلخ ) أفتى بهذا إذا كان المقطوع يسيرا شيخنا الرملي ا هـ . سم عبارة النهاية نعم لو قطع من الألية جزء يسير لأجل كبرها فالأوجه الإجزاء كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى بدليل قولهم لا يضر فقد فلقة يسيرة من عضو كبير ا هـ . قال ع ش وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين كون الألية صغيرة في ذاتها كما هو مشاهد في بعض الغنم وكونها كبيرة ولا ينافيه قوله فقد فلقة يسيرة من عضو كبير لأن المراد الكبر النسبي فالألية وإن صغرت فهي من حيث هي كبيرة بالنسبة للأذن هذا ويبقى النظر فيما لو وجدت ألية قطع جزء منها وشك في أن المقطوع كان كبيرا في الأصل فلا يجزئ ما قطع من أليته الآن أو صغيرا فيجزئ فيه نظر ، والأقرب الإجزاء لأنه الأصل فيما قطعت منه ، والموافق للغالب في أن الذي يقطع لكبر الألية صغير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لا يضر ) إلى قوله وهذا بدل من قولهم المخصص زاد المغني عقب ذلك ما نصه كفخذ لأن ذلك لا يظهر بخلاف .

                                                                                                                              [ ص: 353 ] الكبيرة بالإضافة إلى العضو فلا يجزئ لنقصان اللحم ا هـ . ( قوله : في صغرها إلخ ) متعلق بالقطع ( قوله فتعين ما قيدته إلخ ) يعني قوله إن قل جدا وقد يقال يغني عنه قيد الاعتياد في كلام الباحث . ( قوله : ثم بحث تخريجه إلخ ) اعتمده المغني عبارته وبحث بعض المتأخرين أن شلل الأذن كفقدها وهو ظاهر إن خرج عن كونه مأكولا ا هـ . ( قوله : فإن أكلت ) أي الأذن الشلاء ( قوله : بين ) إلى قول المتن ويدخل في النهاية إلا قوله وإن نازع إلى المتن وقوله : بين إلى نعم وقوله : للخبر فيه وقوله : ونقل إلى بخلاف فقد وقوله : بخلاف ما إلى أو يحمل وقوله : وبه إلى المتن ( قوله : بأن يوجب ) أي العرج

                                                                                                                              ( قوله : ولو عند اضطرابها إلخ ) أي ولو حدث العرج عند إلخ عبارة غيره باضطرابها إلخ بالباء بدل عند ( قوله : فكسر العضو إلخ ) ومن ذلك ما لو قطع بعض العرقوب بحيث لو بقيت بلا ذبح لا تستطيع الذهاب معه للمرعى فلو فعل بها ذلك عند إرادة الذبح ليتمكن الذابح من ذبحها لم تجز ا هـ . ع ش بحذف ( قوله : وفقده ) أي غير ما مر استثناؤه في السوادة آنفا ( قوله : فالعمياء أولى ) كذا في المغني ( قوله : عمه أو أكثره ) أي العين فكان الأولى التأنيث .

                                                                                                                              ( قوله : نعم لا يضر إلخ ) عبارة المغني وتجزئ العمشاء وهي ضعيفة البصر مع سيلان الدمع غالبا ، والمكوية لأن ذلك لا يؤثر في اللحم ، والعشواء وهي التي لا تبصر في الليل لأنها تبصر وقت الرعي غالبا ا هـ . ويؤخذ من التعليل كما نبه عليه بعض المتأخرين أنها لو لم تبصر وقت الرعي لم تجز

                                                                                                                              ( قوله : ضعيفة إلخ ) المناسب لما بعده ضعف إلخ كما في النهاية ( قوله : للخبر السابق ) أي في شرح فلا تجزئ عجفاء ( قوله : وعطف الأخيرة إلخ ) هي ليست معطوفة على ما قبلها على الصحيح فالأولى فذكر الأخيرة مع ما قبلها من ذكر الخاص بعد العام ا هـ . سم ( قوله أنقصت ) في أصله بغير همزة ا هـ . سيد عمر ( قول المتن ولا فقد قرن ) أي خلقة ا هـ . مغني ( قوله : وكسره ) إلى قوله لمفهوم إلخ في المغني إلا قوله ونقل إلى بخلاف إلخ

                                                                                                                              ( قوله : وكسره ) أي وإن دمي بالكسر ا هـ . مغني ( قوله : إذ لا يتعلق إلخ ) يؤخذ منه إجزاء فاقد الذكر لأنه لا يؤكل وهو ظاهر نعم إن أثر قطعه في اللحم ضر ا هـ . ع ش ( قوله : وإن كانت القرناء أفضل للخبر فيه ) ولأنها أحسن منظرا بل يكره غيرها كما نقله في المجموع عن الأصحاب ا هـ . مغني ( قوله : ولا تجزئ فاقدة جميع الأسنان ) ظاهره ولو خلقة ( قوله : ونقل الإمام عن المحققين الإجزاء ) ونقله ع ش عن الجمال الرملي أيضا فيما إذا كان الفقد خلقيا ثم قال فليحرر ( قوله : حمل إلخ ) خبر ونقل الإمام إلخ ( قوله : وهو بعيد ) أي هذا الحمل

                                                                                                                              ( قوله : فإنه لا يضر إلخ ) عبارة المغني لأنه لا يؤثر في الاعتلاف ونقص اللحم وقضية التعليل أن ذهاب البعض إذا أثر يكون كذلك أي كذهاب الكل وهذا هو الظاهر ا هـ . ( قوله : لترادفهما ) أي الخرق ، والثقب ا هـ . ع ش وقال سم يمكن حملهما على ما يمنع الترادف ا هـ . ( قوله : وعليه ) أي ذهاب شيء بذلك ( قوله : السابق ) أي في شرح ومقطوعة بعض أذن ( قوله : على التنزيه ) أي كراهة التنزيه ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله لمفهوم إلخ ) راجع للمعطوف فقط ( قوله خبر أربع ) أي إلى آخره ( قوله : السابق ) أي في شرح ولا تجزئ عجفاء ( قوله : على الاعتداد بمفهوم العدد ) أي كما رجحه في جمع الجوامع ( قوله : إن ما سواها إلخ ) بيان لمفهوم الخبر ( قول المتن الصحيح المنصوص إلخ ) وقال الرافعي إنه قضية ما أورده المعظم صريحا ودلالة ونقلوه عن نصه في الجديد ا هـ . مغني ( قوله : لأنه ) إلى قوله عملا في المغني إلا قوله وبه إلى المتن ( قوله : ، والودك ) . [ ص: 354 ] محركة الدسم ا هـ . قاموس ( قوله : وبه إلخ ) أي بالإلحاق ( قوله : في الشلل ) أي شلل الأذن .




                                                                                                                              الخدمات العلمية