الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن نذر ) واحدة من النعم مملوكة له ( معينة ) وإن لم تجز أضحية كمعيبة وفصيل لا كظبية وألحقت بالأضحية في تعين زمنها لا بالصدقة المنذورة ؛ لأن شبهها بالأضحية أقوى [ ص: 355 ] لا سيما وإراقة الدم في هذا الزمن أكمل فلا يرد كونها شبيهة بالأضحية وليست بأضحية ( فقال لله علي ) أو علي وإن لم يقل لله كما يعلم من كلامه في النذر ( أن أضحي بهذه ) أو جعلتها أضحية أو هذه أو هي أضحية أو هدي زال ملكه عنها بمجرد التعيين كما لو نذر التصدق بمال بعينه وإن نازع فيه البلقيني ( ولزمه ذبحها ) وإن كانت مجزئة فحدث فيها ما يمنع الإجزاء كما مر ( في هذا الوقت ) السابق أداء وهو أول وقت يلقاه بعد النذر لأنه التزمها أضحية فتعين لذبحها وقت الأضحية

                                                                                                                              وإنما لم يجب الفور في أصل النذور والكفارات لأنها مرسلة في الذمة وما هنا في عين وهي لا تقبل تأخيرا كما لا تقبل تأجيلا ويشكل عليه أنه لو قال علي أن أضحي بشاة مثلا كانت كذلك إلا أن يجاب بأن التعيين هنا هو الغالب فألحق به ما في الذمة بخلافه في تلك الأبواب وخرج بقوله قال نية ذلك فهي لغو كنية النذر وأفهم أنه مع ذلك القول لا يحتاج لنية بل لا عبرة بنية خلافه لأنه صريح وحينئذ فما يقع فيه كثير من العامة أنهم يشترون أضحيتهم من أوائل السنة وكل من سألهم عنها يقولون هذه أضحية جاهلين بما يترتب على ذلك بل وقاصدين [ ص: 356 ] الإخبار عما أضمروه وظاهر كلامهم أنهم مع ذلك تترتب عليهم تلك الأحكام مشكل وفي التوسط في هذا هدي ظاهر كلام الشيخين أنه صريح في إنشاء جعله هديا وهو بالإقرار أشبه إلا أن ينوى به الإنشاء ا هـ . ويرد بأنه نظير هذا حر أو مبيع منك بألف فكما أن كلا من هذين صريح في بابه فكذلك ذاك ثم رأيت بعضهم قال وفي ذلك حرج شديد وكلام الأذرعي يفهم قبول إرادته أنه سيتطوع بالأضحية بها ويؤيده قولهم يسن أن يقول بسم الله هذه عقيقة فلان مع تصريحهم بحل الأكل منها ا هـ . ويرد ما قاله أولا بما مر في رد كلام الأذرعي وثانيا بأن ما ذكره لم يرد وإنما السنة ما يأتي اللهم هذه عقيقة فلان وهذا صريح في الدعاء فليس مما نحن فيه وبفرض أنهم ذكروا ذلك لا شاهد فيه أيضا ؛ لأن ذكره بعد البسملة صريح في أنه لم يرد به لا التبرك فعلم أن هذا قرينة لفظية صارفة ولا كذلك في هذه أضحية

                                                                                                                              وأفهم قولنا أداء أنه متى فات ذلك الوقت لزمه ذبحها بعده قضاء وهو كذلك فيصرفه مصرفها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لا بالصدقة المنذورة ) يفيد أنه لا يتعين فيها الزمن وعبارة البهجة في باب الاعتكاف لا لأن يصليها ، والتصدقات أي [ ص: 355 ] لا نذر للصلاة ، والصدقات في زمن قال شيخ الإسلام في شرحه فلا يتعين كذا في الرافعي هنا لكنه رجح في كتاب النذر التعين في الصلاة إلى أن قال فالصدقة كالزكاة ويجوز تقديمها بخلاف الصلاة ، والصوم . ا هـ وقد يفهم امتناع تأخير الصدقة مع التمكن لكن في شرح الإرشاد للشارح بل يجوز التقديم أي تقديم الصلاة عليه أي على الزمن المعين لها في النذر والتأخير عنه خلافا لما مال إليه الإسنوي من جواز التقديم فقط ا هـ . ( قوله : فحدث منها ما يمنع الإجزاء ) أو كانت معينة مثلا عند الالتزام كما تقدم في أول الصفحة السابقة ( قوله : وإنما لم يجب الفور إلخ ) إن كان المراد بالفور هنا وجوب ذبحها في وقت الأضحية الذي يلقاه بعد النذر فلا حاجة للفرق لأنه إنما وجب في هذا الوقت لأنه عينه حكما ؛ لأن التزام الأضحية التزام لإيقاعها في وقتها ، والحمل على أول ما يلقاه لأنه المفهوم من اللفظ ومن عين وقتا امتنع عليه التأخير عنه لكن ما في الحاشية الأخرى عن شرح الإرشاد يخالف ذلك وقد يشكل بشموله العين على قوله وما هنا في عين وقد يفرق بأن الأضحية وضعت على الاختصاص بوقت معين بخلاف غيرها ( قوله : بخلافه في تلك الأبواب ) قد يدل الجواب أن للمعين في تلك الأبواب حكم ما في الذمة فليراجع ( قول : لأنه صريح إلخ ) فيه [ ص: 356 ] إن الصريح قد يقبل الصرف بالنية ( قوله : وكلام الأذرعي يفهم قبول إرادته أنه سيتطوع إلخ ) ولا يقبل قوله : أردت أني أتطوع بها خلافا لبعضهم ولا ينافي في ذلك قولهم ويسن أن يقول بسم الله اللهم إن هذه عقيقة فلان مع تصريحهم بحل الأكل منها لصراحته في الدعاء إلخ م ر ( قوله : بما مر في رد كلام الأذرعي ) فيه نظر [ ص: 357 ] إذ غاية ما مر إن ذلك صريح لكن الصريح يقبل الصرف كما تبين في هوامش باب الحوالة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : واحدة ) إلى قوله مشكل في النهاية إلا قوله وإن نازع فيه البلقيني وقوله : وإن كانت إلى المتن وما سأنبه عليه ( قوله : لا كظبية ) أي فإنه لغو فلا يجب ذبحها في أيام التضحية ولا في غيرها بخلاف ما لو نذر أن يتصدق بها فإنه يجب ولو حية ولا يتقيد التصدق بها بزمن على ما يفهم من قوله لا بالصدقة المنذورة ا هـ . ع ش ( قوله وألحقت ) أي المعينة التي لا تجزئ في الأضحية ع ش ورشيدي . ( قوله : لا بالصدقة المنذورة ) يفيد أنه لا يتعين فيها الزمن ويصرح به كلام البهجة في باب الاعتكاف وقال شيخ الإسلام في شرحه كذا في الرافعي هنا لكنه قال في كتاب النذر إن الصدقة كالزكاة .

                                                                                                                              [ ص: 355 ] ويجوز تقديمها انتهى أي على الزمن المعين لها في النذر وهذا قد يفهم امتناع تأخير الصدقة مع التمكن ا هـ . سم ( قوله : كونها ) الأولى أنها كما في النهاية ( قوله : شبيهة بالأضحية وليست إلخ ) أي فلا يتعين لها وقت ا هـ . رشيدي عبارة ع ش أي فحقها أن لا يتقيد ذبحها بأيام التضحية ا هـ . ( قول المتن فقال لله علي إلخ ) ومعلوم أن إشارة الأخرس المفهمة كنطق الناطق كما قاله الأذرعي وغيره ا هـ . مغني ( قوله : أو على ) إلى قوله كما لو نذر في المغني إلا قوله كما يعلم إلى المتن وقوله : أو هدي

                                                                                                                              ( قوله : أو هدي ) أي أو عقيقة ( قول المتن لزمه ذبحها ) أي ولا يجزئ غيرها ولو سليمة عن معيبة عينها في نذره ا هـ . ع ش ( قوله : وإن كانت مجزئة فحدث إلخ ) أي أو كانت معيبة مثلا عند الالتزام كما تقدم آنفا ا هـ . سم ( قوله : كما مر ) أي في شرح وشرطها سلامة من عيب ينقص لحما ( قوله : السابق ) إلى قوله وإنما في المغني ( قوله : وهو أول وقت يلقاه إلخ ) احتراز عن وقتها من عام آخر ا هـ . رشيدي عبارة ع ش أي وهو جملة الأيام الأربعة التي يلقاها بعد وقت النذر لا أول جزء منها ا هـ . ( قوله : فتعين لذبحها إلخ ) أي لا يجوز تأخيرها للعام القابل ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله وإنما لم يجب إلخ ) عبارة النهاية وتفارق النذور والكفارات حيث لم يجب الفور فيها أصالة بأنها ملزمة مرسلة إلخ ( قوله : في أصل النذور ) أي المطلقة ا هـ ع ش ( قوله : لأنها مرسلة إلخ ) وفي سم ما حاصله أنه لا حاجة للفرق المذكور لأن ما هنا من النذر في زمن معين حكما لأن الالتزام للأضحية التزام لإيقاعها في وقتها فيحمل على أول ما يلقاه لأنه المفهوم من اللفظ ومن عين وقتا امتنع عليه التأخير عنه ا هـ . ( قوله : وما هنا في عين ) قضية هذا الفرق وجوب الفور فيما لو نذر التصدق بمال بعينه كأن قال لله علي أن أتصدق بهذا الدينار ، والظاهر أنه غير مراد ويصرح بذلك قول البهجة وشرحها في باب الاعتكاف ا هـ . ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ويشكل عليه ) أي على التقييد بالمعينة ا هـ . مغني ويجوز إرجاع الضمير للفرق المذكور في كلام الشارح ( قوله : كانت كذلك ) أي كالمعينة في تعين أول وقت يلقاه بعد النذر ( قوله : هنا ) أي في نذر الأضحية ( قوله : فألحق به ) أي بالمعين ا هـ . ع ش ( قوله في تلك الأبواب ) أي أبواب النذور ا هـ . ع ش ( قوله : وخرج ) إلى قوله كنية النذر في المغني

                                                                                                                              ( قوله : نية ذلك ) أي بدون تلفظ به ا هـ . مغني ( قوله : كنية النذر ) قد يرد عليه أنه من تشبيه الجزئي بكليه ( قوله : وأفهم ) أي قول المصنف قال ( قوله : لأنه صريح إلخ ) فيه أن الصريح قد يقبل الصرف بالنية ا هـ . سم ( قوله : جاهلين إلخ ) وإنما لم يسقط عنهم وجوب الذبح مع جهلهم لتقصيرهم بعدم التعلم ولأن الجهل إنما يسقط الإثم لا الضمان ا هـ . ع ش

                                                                                                                              ( قوله : بل وقاصدين ) إلى قوله وفي التوسط عبارة النهاية بدل تصير به أضحية واجبة يمتنع عليه أكله منها ولا يقبل قوله : أردت أني أتطوع بها خلافا لبعضهم ا هـ . قال ع ش قوله : ولا يقبل إلخ المتبادر عدم القبول ظاهرا وإن ذلك ينفعه فيما بينه وبين الله تعالى فلا يجب التصدق بها باطنا وإن كان قوله : هذه أضحية صريحا لأن الصريح يقبل الصرف إلا أن يحمل قوله : ولا يقبل إلخ على معنى لا ظاهرا ولا باطنا .

                                                                                                                              [ ص: 356 ] فيوافق قوله يمتنع عليه أكله منها ا هـ . ( قوله : عما أضمروه ) أي من إرادته أنه سيتطوع بها ( قوله : وظاهر كلامهم إلخ ) حال من كثير إلخ ( قوله مع ذلك ) أي الجهل ، والقصد لما ذكر ( قوله مشكل ) خبر قوله فما يقع إلخ ( قوله : في هذا هدي ) أي في بيان حكمه ( قوله : وهو إلخ ) عطف على قوله ظاهر كلام الشيخين إلخ ( قوله : بالإقرار أشبه ) أي فيقبل قوله : أردت به أني أتطوع بها ( قوله : انتهى ) أي ما في التوسط ( قوله : ويرد ) أي قول التوسط وهو بالإقرار أشبه إلخ ( قوله بأنه ) أي قول الشخص هذا هدي ( قوله : وفي ذلك إلخ ) أي فيما أفهمه كلام المصنف من أنه مع ذلك القول لا يحتاج لنية إلخ ( قوله حرج شديد ) وتأبى عنه محاسن الشرع الشريف ولذلك مال سم وأفتى السيد عمر بخلافه كما يأتي

                                                                                                                              ( قوله : ويؤيده ) أي كلام الأذرعي أو قبول الإرادة ( قوله : بحل الأكل ) أي أكل قائله وممونه منها أي من هذه العقيقة ( قوله : ما قالاه أولا ) وهو قوله : وكلام الأذرعي يفهم إلخ ( قوله : بما مر إلخ ) فيه نظر إذ غاية ما مر أن ذلك صريح لكن الصريح يقبل الصرف كما تبين في هوامش باب الحوالة ا هـ . سم وقدمناه عن ع ش ما يوافقه وقال السيد عمر ما نصه ينبغي أن محله أي التعيين بقوله هذه أضحية ما لم يقصد الإخبار بأن هذه الشاة التي أريد التضحية بها فإن قصده فلا تعيين وقد وقع الجواب كذلك في نازلة رفعت لهذا الحقير وهي أن شخصا اشترى شاة للتضحية فلقيه شخص فقال ما هذه فقال أضحيتي ا هـ . ( قوله : في رد كلام الأذرعي ) أي في التوسط ( قوله وثانيا ) وهو قوله : ويؤيده قولهم يسن إلخ ( قوله : لم يرد ) أي في السنة ( قوله وهذا صريح في الدعاء إلخ ) قضيته أنه لو قال مثله هنا بأن يقول بسم الله اللهم هذه أضحيتي لا تصير واجبة ا هـ . ع ش زاد الرشيدي وانظر هل هو كذلك ا هـ . ( قوله وأفهم ) إلى قوله أو فضلت في المغني إلا قوله أي لها إلى وتأخيره وإلى قول المتن فإن أتلفها في النهاية إلا قوله أو فضلت إلى ولو اشترى وما سأنبه عليه ( قوله : لزمه ذبحها إلخ ) أي فورا قياسا على إخراج الزكاة لتعلق حق المستحقين بها وظاهره وإن أخر لعذر ا هـ . ع ش وسيأتي عن المغني الجزم بذلك




                                                                                                                              الخدمات العلمية