الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

والشهادة المذكورة هي أول الواجبات في دين الإسلام ، كما دلت عليه السنن المتواترة ، وكما أجمع المسلمون على أن من قال ذلك صار مسلما ، وإذا . . . . . . . بقلبه صار مؤمنا ، وأنه بدون ذلك لا يقبل منه عمل ، وأنه . . . . . . إلى ذلك ، وعليه يقاتلون .

وهذا الأمر المتواتر المعـ[روف] من دين المسلمين الذي أجمعوا عليه خلفا بعد سلف يبين لك خطأ من أوجب قبل ذلك شيئا غيره من المتكلمة ، سواء سموا ذلك النظر أو القصد إليه أو الشك أو معرفة الله ، إلى غير ذلك من المقالات المبتدعة ، بل الأمر هو ما عليه الفقهاء وأهل المعرفة وعلماء الحديث وعوام المسلمين ، وهو الذي توارثوه عن نبيهم الذي تلقي الوجوب من جهته توارثا معلوما بالاضطرار ، وذلك [ ص: 172 ] عندهم أظهر وأشهر من جميع الأمور الموروثة عنه .

وإنما نشأ هذا الغلط من المعتزلة الذين أحدثوا الكلام الباطل في الدين ، وبنوا ذلك على أن العقل بمجرده يوجب ، وأنه يوجب معرفة الله المنعم أولا ، وأنه لا طريق إلى ذلك إلا النظر ، فقالوا بوجوبه ، وقد بسطت القول في هذه المسألة في غير هذا الموضع ، وبينت أن المعرفة المجملة داخلة في أول الواجبات ، لا أنها بنفسها وحدها وجبت ، وأنها وحدها لا بقيد .

والشهادة وإن كانت هي أول الواجبات فهي أفضل العبادات ، وأرفع العلوم والمعارف ، وأجل القرب والطاعات ، وهي قوت المؤمن في كل وقت وحال ، وهي للإيمان كالنية للعبادات ، وإن اكتفي باستصحاب حكمها فاستصحاب ذكرها هو الأصل ، ويجب أن يستصحب ذكره في المواطن التي يستزل الشيطان الناس عن حقيقتها ، إما بتأله غير الله أو إخراج الرسول عن حقيقة الرسالة ، ومزاحمة غيره له ، من ملك أو أمير أو عالم أو شيخ أو إمام أو صاحب ، فإن هذا يقع فيه خلائق لا يحصون ممن مضى ومن غبر ، وهو يخرج عن حقيقة الإيمان وإن كان قد لا يخرج عن أصله .

التالي السابق


الخدمات العلمية