الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ثم يكبر الثالثة ويرفع يديه كذلك ويدعو للميت فيقول : اللهم عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ، ومحبوبه وأحباؤه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه ، وكان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به ، اللهم نزل بك وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه ، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له ، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، ولقه برحمتك رضاك ، وقه فتنة القبر وعذابه ، وافسح له في قبره ، وجاف الأرض عن جنبيه ، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين " ثم يكبر الرابعة ثم يسلم عن يمينه وشماله ويخفي القراءة والدعاء ويجهر بالسلام " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وإن كان الميت امرأة قال : اللهم أمتك وابنة عبدك ، وأتى بجميع الدعاء بلفظ التأنيث ، ولو كان الميت طفلا دعا لأبويه فقال : اللهم اجعله لهما فرطا وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا ، وثقل به موازينهما ، وأفرغ الصبر على قلوبهما ، ولا تفتنهما بعده ، وإنما اخترنا هذا الدعاء ، لأنه مأثور عن السلف . وبأي شيء دعا ولو اقتصر على أن قال : اللهم ارحم جاز . ثم يكبر الرابعة ويسلم ، ولم يحك عن الشافعي في الرابعة ذكر غير السلام . وقال البويطي : إذا كبر الرابعة قال : اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا . وحكى أبو علي بن أبي هريرة أن المتقدمين كانوا يقولون في الرابعة : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار . وليس ذلك بمحكي عن الشافعي ، فإن فعل كان حسنا وسلم تسليمتين إحداهما عن يمينه والثانية عن شماله ، وعلى قياس قوله القديم : إن كان الجمع يسيرا سلم تسليمة واحدة عن يمينه وتلقاء وجهه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية