الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما توحيد الله الذي يستحقه على عباده والذي بعث به رسله وأنزل به كتبه ، فهو توحيده نفسه وإخلاص الدين له ، لا توحيد المشترك بينه وبين خلقه . ولهذا كان هذا التوحيد جامعا لكل تلحيد ، فإن المسلمين سموا القرامطة ملاحدة ، وهؤلاء حقيقة قولهم هو قول الملاحدة الإسماعيلية النصيرية القرامطة الفرعونية النمرودية ، وأما مشركو العرب والصابئة الفلاسفة ونحوهم فأحسن حالا من هؤلاء ، ولا حسن في شيء من الشرك ، وإنما الغرض أن هؤلاء أكفر من ثلاثة أوجه :

من جهة أنهم أشركوا به جميع الموجودات .

ومن جهة أنهم جعلوا المخلوقات هي إياه ، وأولئك اعترفوا بأن شركاءهم ملكه وأنهم ليسوا إياه ، وهؤلاء جعلوها إياه وجزءا منه .

ومن جهة أنهم أنكروه وكذبوا بوجوده ، حيث جعلوه الوجود المطلق أو وجود المخلوقات . [ ص: 180 ]

وهذا الثالث : لا يجيء على قول ابن عربي ، فإنه يقول : إن له وجودا وإنه فاض على الممكنات . وإنما يجيء على قول القونوي الذي يقول : هو الوجود المطلق ، وعلى قول التلمساني [والبلياني] وابن سبعين الذين يقولون : هو عين الموجودات ، فإن التلمساني والبلياني وابن سبعين ما عندهم وجود إلا عين الحق ، فلم يفرقوا بين الوجود المطلق والمعين ، ولا بين الوجود والماهيات .

وأما القونوي فيفرق بين المطلق والمعين ، وعنده أن الله هو الوجود المطلق لا المعين .

وأما ابن عربي فعنده أن وجود الحق قائم بنفسه ، وأن ماهيات الممكنات أزلية ، كقول من يقول من المعتزلة وغيرهم والشيعة : إن المعدوم الممكن شيء . وزاد عليهم بأنه فاض عليها وجود الحق ، فوجودها وجوده ، لا أن ماهيتها ماهيته .

التالي السابق


الخدمات العلمية