الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : قوله تعالى : { وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين }

                                                                                                                                                                                                              قال قوم : هذا خطاب من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم والمراد بذلك الأمة ، وكأن القائلين بذلك ذهبوا إلى تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن النسيان وهم كبار الرافضة ، قبحهم الله ، وإن عذرنا أصحابنا في قولهم : إن قوله تعالى : { لئن أشركت ليحبطن عملك } ، خطاب للأمة باسم النبي صلى الله عليه وسلم ; لاستحالة الإشراك عليه [ ص: 261 ] فلا عذر لهم في هذا لجواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : { سنقرئك فلا تنسى } .

                                                                                                                                                                                                              وقال صلى الله عليه وسلم مخبرا عن نفسه : { إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون } ، وقال وقد سمع قراءة رجل يقرأ : { لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها } .

                                                                                                                                                                                                              وقال في ليلة القدر : { تلاحى رجلان فنسيتها } .

                                                                                                                                                                                                              وقال : { لا يقولن أحدكم نسيت آية كذا ، بل نسيتها } ، كراهية إضافة اللفظ إلى القرآن ; لقوله تعالى : { كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } .

                                                                                                                                                                                                              وفائدته : أن لفظ " نسيت " ينطلق على تركت انطلاقا طبقيا ، ثم نقول في تقسيم وجهي متعلقه سهوت إذا كان تركه عن غير قصد ، وعمدت إذا كان تركه عن قصد ; ولذلك قال علماؤنا : إن قوله : { من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها } عام في وجهي النسيان العمد والسهو .

                                                                                                                                                                                                              وقوله إذا ذكرها : يعني أن الساهي يطرأ عليه الذكر فيتوجه عليه الخطاب ، وأن العامد ذاكر أبدا فلا يزال الخطاب يتوجه عليه أبدا ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية