الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وتضم قيمة العروض إلى الثمنين والذهب إلى الفضة قيمة ) أما الأول فلأن الوجوب في الكل باعتبار التجارة ، وإن افترقت جهة الإعداد ، وأما الثاني فللمجانسة من حيث الثمنية ، ومن هذا الوجه صار سببا ، وضم إحدى النقدين إلى الآخر قيمة مذهب الإمام وعندهما الضم بالأجزاء ، وهو رواية عنه حتى إن من كان له مائة درهم وخمسة مثاقيل ذهب تبلغ قيمتها مائة درهم فعليه الزكاة عنده خلافا لهما هما يقولان المعتبر فيهما القدر دون القيمة حتى لا تجب الزكاة في مصوغ وزنه أقل من مائتين ، وقيمته فوقهما ، وهو يقول الضم للمجانسة ، وهي تتحقق باعتبار القيمة دون الصورة فيضم بها ،

                                                                                        وفي المحيط لو كان له مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها أقل من مائة تجب الزكاة عندهما واختلفوا على قوله والصحيح الوجوب لأنه إن لم يمكن تكميل نصاب الدراهم باعتبار قيمة الدنانير أمكن تكميل نصاب الدنانير باعتبار قيمة الدراهم ; لأن قيمتها تبلغ عشرة دنانير فتكمل احتياطا لإيجاب الزكاة ا هـ .

                                                                                        وبهذا ظهر بحث الزيلعي منقولا ، وضعف كلام المصنف في الكافي حيث قال : إن القيمة لا تعتبر عند تكامل الأجزاء عنده كمائة وعشرة دنانير ظنا منه أن إيجاب الزكاة في هذه المسألة على الصحيح لتكامل الأجزاء لا باعتبار القيمة وليس كما ظن بل الإيجاب باعتبار القيمة كما أفاده تعليل المحيط فإن حاصله اعتبار القيمة من جهة كل من النقدين لا من جهة أحدهما عينا فإنه إن لم يتم النصاب باعتبار قيمة الذهب بالفضة يتم باعتبار قيمة الفضة بالذهب فكيف يكون تعليلا لعدم اعتبار القيمة مطلقا عند تكامل الأجزاء مع أنه يرد عليه لو زادت قيمة أحدهما ، ولم تنقص قيمة الآخر كمائة درهم وعشرة دنانير تساوي مائة وثمانين فإن مقتضى كلامه من عدم اعتبار القيمة عند تكامل الأجزاء أن لا يلزمه إلا خمسة والظاهر [ ص: 248 ] لزوم سبعة اعتبارا للقيمة أخذا من دليله من أن الضم ليس إلا للمجانسة ، وإنما هي باعتبار المعنى ، وهو القيمة لا باعتبار الصورة

                                                                                        وقد صرح به في المحيط فقال لو كان له مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها مائة وأربعون فعند أبي حنيفة تجب ستة دراهم ، وعندهما هو نصاب تام نصفه ذهب ونصفه فضة فيجب في كل نصف ربع عشره ، وفيه أيضا لو كان له مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير قيمتها خمسون تجب الزكاة بالإجماع ، ولو كان له إبريق فضة وزنه مائة ، وقيمته لصناعته مائتان لا تجب الزكاة باعتبار القيمة ; لأن الجودة والصنعة في أموال الربا لا قيمة لها عند انفرادها ، ولا عند المقابلة بجنسها ا هـ .

                                                                                        وفي المعراج لو كان له مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير ، وقيمة الدنانير لا تساوي خمسين درهما تجب الزكاة على قولهما ، واختلف المشايخ على قوله قال بعضهم : لا تجب ; لأن الضم باعتبار القيمة عنده ، ويضم الأقل إلى الأكثر ; لأن الأقل تابع للأكثر فلا يكمل النصاب به ،

                                                                                        وقال الفقيه أبو جعفر : تجب على قوله ، وهو الصحيح ويضم الأكثر إلى الأقل ا هـ .

                                                                                        وهو دليل على أنه لا اعتبار بتكامل الأجزاء عنده ، وإنما يضم أحد النقدين إلى الآخر قيمة ، ولا فرق بين ضم الأقل إلى الأكثر أو عكسه

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله حتى إن من كان له مائة درهم إلخ ) أفاد أن وجوب الضم إذا لم يكن كل واحد منهما نصابا بأن كان أقل فأما إذا كان كل واحد منهما نصابا تاما ولم يكن زائدا عليه لا يجب الضم بل ينبغي أن يؤدي من كل واحد زكاته ولو ضم أحدهما إلى الآخر حتى يؤدي كله من الذهب أو الفضة فلا بأس به عندنا ، ولكن يجب أن يكون التقويم بما هو أنفع للفقراء رواجا ، وإلا فيؤدي من كل واحد منهما ربع عشره فإن كان على كل واحد من النصابين زيادة فعندهما لا يجب ضم إحدى الزيادتين إلى الأخرى ; لأنهما يوجبان الزكاة في الكسور بحسابها ، وأما عنده فينظر إن بلغت الزيادة منهما أربعة مثاقيل وأربعين درهما فكذلك ، وإلا يجب ضم إحدى الزيادتين إلى الأخرى لتتم أربعة مثاقيل وأربعين درهما ; لأن الزكاة لا تجب عنده في الكسور كذا في البدائع ( قوله والصحيح الوجوب ) عزاه في البدائع إلى الإمام حيث قال : ثم عند أبي حنيفة يعتبر في التقويم منفعة الفقراء كما هو أصله حتى روي عنه أنه قال : إذا كان لرجل خمسة وتسعون درهما ودينار يساوي خمسة دراهم أنه تجب الزكاة ، وذلك بأن تقوم الفضة بالذهب كل خمسة منها بدينار . ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية