الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1112 [ 571 ] وعن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، عن أبيه قال : صحبت ابن عمر في طريق مكة ، قال : فصلى لنا الظهر ركعتين ، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله ، وجلس وجلسنا معه ، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى ، فرأى ناسا قياما ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قلت : يسبحون . قال : لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي ، يا ابن أخي ، إني صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر ، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وقد قال الله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [ الأحزاب :21 ]

                                                                                              رواه البخاري (1101)، ومسلم (689) (8)، وأبو داود (1223)، والترمذي (544)، والنسائي (3 \ 122 و 124)، وابن ماجه (1071) 8 .

                                                                                              [ ص: 330 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 330 ] وقوله في حديث ابن عمر " يسبحون " ; أي : يصلون سبحة الضحى أو غيرها من النوافل ، والسبحة : صلاة النافلة . قال الهروي : تسمى الصلاة تسبيحا ، ومنه : فلولا أنه كان من المسبحين [ الصافات : 143 ] ; أي : من المصلين . وقول ابن عمر " لو كنت مسبحا لأتممت " ظاهر هذا أن ابن عمر كان يمنع من التنفل في السفر ليلا ونهارا ، هكذا نقل أهل الخلاف عنه ، وحكي عنه أنه منعه بالنهار وجوزه بالليل لقوة أمر القيام بالليل إذ كان فرضا ، وعامة العلماء على جوازه ، وقد روى جابر وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفل في السفر على راحلته وبالأرض ليلا ونهارا .

                                                                                              وقوله " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء كانوا يصلون ركعتين لا يزيدون " هو محمول على أنهم ما كانوا يتنفلون رواتب الفرائض في السفر لا قبل الفرض ولا بعده ، وأما في غير ذلك فقد روى جابر وعلي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفل في السفر ليلا ونهارا .

                                                                                              وقوله " ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله " ، قد روي [ ص: 331 ] عنه في الحديث الآتي بعد هذا أنه قال : ومع عثمان صدرا من خلافته ثماني سنين أو ست سنين . ووجه التلفيق أن ابن عمر إنما أخبر عن عثمان في سائر أسفاره في غير منى ; لأن إتمام عثمان إنما كان بمنى على ما فسره عمران بن حصين ، وكذا قال ابن حبيب .

                                                                                              والأسوة : القدوة .




                                                                                              الخدمات العلمية