الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
31 - قوله: (ع): "وما ذكر في حق من سمى من صغار التابعين أنهم لم يلقوا من الصحابة - رضي الله عنهم - إلا الواحد والاثنين ليس بصحيح بالنسبة إلى الزهري " .

قلت: تمثيله بالزهري في صغار التابعين صحيح.

فإنه لا يلزم من كونه لقي كثيرا من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - أن يكون من لقيهم من كبار الصحابة حتى يكون هو من كبار التابعين فإن جميع من سموه من مشايخ الزهري من الصحابة كلهم من صغار الصحابة أو ممن لم يلقهم الزهري وإن كان روى عنهم أو ممن لم تثبت له صحبة، وإن ذكر في الصحابة أو من ذكر فيهم بمقتضى مجرد الرؤية ولم يثبت له سماع، فهذا [ ص: 559 ] حكم جميع من ذكر من الصحابة في مشايخ الزهري إلا أنس بن مالك - رضي الله عنه - وإن كان من المكثرين فإنما لقيه، لأنه عمر وتأخرت وفاته.

ومع ذلك فليس الزهري من المكثرين عنه، ولا أكثر - أيضا - عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - فتبين أن الزهري ليس من كبار التابعين.

وكيف يكون منهم وإنما جل روايته عن بعض كبار التابعين لا كلهم; لأن أكثرهم مات قبل أن يطلب هو العلم.

وهذا بين لمن نظر في أحوال الرجال - والله الموفق - .

65 – قوله: (ص): "وأبي حازم" .

اعترض عليه مغلطاي وتبعه شيخنا شيخ الإسلام في "محاسن الاصطلاح" بأنه ليس من صغار التابعين، فإنه سمع من الحسن بن علي بن أبي طالب ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمر وغيرهم - رضي الله تعالى عنهم - .

قلت: وهو اعتراض فيه نظر، لأن ابن الصلاح إنما أراد أبا حازم سلمة بن دينار المدني ، وهو لم يلق من الصحابة سوى سهل بن سعد وأبي أمامة بن سهل - رضي الله تعالى عنهما - فقط، وأرسل عن من لم يلقه من الصحابة، وجل روايته عن التابعين وأما الذي سمع من الحسن بن علي

[ ص: 560 ] - رضي الله عنهما – فهو أبو حزم الأشجعي مولى عزة واسمه: سلمان . وهو من مشايخ الزهري ، وإنما حصل الاشتباه لأن المصنف لم يذكر أبا حازم سلمة بصفة تميزه عن أبي حازم سلمان لكن قرائن الحال (تقضي) أنه إنما عناه ولو لم يكن إلا في تقديمه الزهري عليه في الذكر، فإن أبا حازم الأشجعي في منزلة شيوخ الزهري في الطبقة - والله أعلم- .

التالي السابق


الخدمات العلمية