الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 536 ] فصل ويسن لمن أحرم ، عين نسكا أو أطلق ( من عقب إحرامه تلبية ) لقول جابر : فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد { لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك ، والملك لا شريك لك } الحديث متفق عليه ( حتى عن أخرس ومريض ) زاد بعضهم : ومجنون ومغمى عليه زاد بعضهم : ونائم وأن تكون ( كتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } وهي ( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد ) بكسر الهمزة نصا لإفادة العموم ويجوز الفتح بتقدير اللام ( والنعمة لك والملك لا شريك لك ) للخبر ، ورواه ابن عمر مرفوعا ، متفق عليه

                                                                          والتلبية من ألب بالمكان إذا لزمه ، كأنه قال : أنا مقيم على طاعتك وأمرك ، وثنيت وكررت لإرادة إقامة بعد إقامة ولفظ " لبيك " مثنى لا واحد له من لفظه ، ومعناه : التكثير ، ولا تستحب الزيادة عليه ، وكان ابن عمر يزيد : " لبيك لبيك لبيك وسعديك ، والخير بيديك ، والرغباء إليك والعمل " ( وسن ذكر نسكه فيها ) أي التلبية ( وسن بدء قارن بذكر العمرة ) لحديث أنس { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لبيك عمرة وحجا } متفق عليه ( وسن إكثار تلبية ) لحديث : { ما من مسلم يضحي لله ويلبي حتى تغيب الشمس ، إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه } رواه ابن ماجه

                                                                          ( وتتأكد التلبية إذا علا نشزا ) بالتحريك أي عاليا ، ( أو هبط واديا ، أو صلى مكتوبة ، أو أقبل ليل ، أو أقبل نهار ، أو التقت الرفاق ، أو سمع ملبيا ، أو أتى محظورا ناسيا ، أو ركب دابته ، أو نزل عنها ، أو رأى البيت ) أي الكعبة لحديث جابر { كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي في حجته إذا لقي راكبا ، أو علا أكمة ، أو هبط واديا ، وفي أدبار الصلوات المكتوبة ، وفي آخر الليل } وقال إبراهيم النخعي " كانوا يستحبون التلبية دبر الصلوات المكتوبة ، وإذا هبط واديا ، وإذا علا نشزا ، وإذا لقي راكبا ، وإذا استوت به راحلته "

                                                                          ( وسن جهر ذكر بها ) لقول أنس " سمعتهم يصرخون بها صراخا " رواه البخاري وخبر السائب بن خلاد { أتاني جبرائيل ، فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية } أسانيده جيدة رواه الخمسة وصححه الترمذي ( في غير مساجد الحل وأمصاره ) [ ص: 537 ] بخلاف البراري وعرفات والحرم ومكة قال أحمد : إذا أحرم في مصره لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز لقول ابن عباس لمن سمعه يلبي بالمدينة " إن هذا المجنون : إنما التلبية إذا برزت " ( و ) في غير ( طواف القدوم والسعي بعده ) لئلا يخلط على الطائفين والساعين

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية