الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما يقرأ به في صلاة الجمعة وفي صبح يومها

                                                                                                                                            1257 - ( عن عبد الله بن أبي رافع رضي الله عنه قال : { استخلف مروان أبا هريرة على المدينة وخرج إلى مكة ، فصلى لنا أبو هريرة يوم الجمعة فقرأ بعد سورة الجمعة في الركعة الآخرة { إذا جاءك المنافقون } فقلت له حين انصرف : إنك قرأت سورتين كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الكوفة ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في الجمعة . } رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي ) .

                                                                                                                                            [ ص: 328 ] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه : وسأله الضحاك : { ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة ؟ قال : كان يقرأ { هل أتاك حديث الغاشية } } رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي ) .

                                                                                                                                            1259 - ( وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة : ب { سبح اسم ربك الأعلى } ، و { هل أتاك حديث الغاشية } . قال : وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما في الصلاتين . } رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه ) .

                                                                                                                                            1260 - ( وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة : ب { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } } رواه أحمد والنسائي وأبو داود ) . حديث سمرة قال العراقي : إسناده صحيح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            وفي الباب عن أبي عنبة الخولاني عند ابن ماجه : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة ب { سبح اسم ربك الأعلى } ، و { هل أتاك حديث الغاشية } } وفي إسناده سعيد بن سنان ، ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما . وأخرجه أيضا الطبراني في الكبير والبزار في مسنده . وعن ابن عباس وسيأتي .

                                                                                                                                            وقد استدل بأحاديث الباب على أن السنة أن يقرأ الإمام في صلاة الجمعة في الركعة الأولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين ، أو في الأولى ب { سبح اسم ربك الأعلى } ، وفي الثانية ب { هل أتاك حديث الغاشية } . أو في الأولى بالجمعة وفي الثانية ب { هل أتاك حديث الغاشية } . قال العراقي : والأفضل من هذه الكيفيات قراءة الجمعة في الأولى ، ثم المنافقين في الثانية ، كما نص عليه الشافعي فيما رواه عنه الربيع ، وقد ثبتت الأوجه الثلاثة التي قدمناها فلا وجه لتفضيل بعضها على بعض ، إلا أن الأحاديث التي فيها لفظ : " كان " مشعرة بأنه فعل ذلك في أيام متعددة كما تقرر في الأصول ، وقال مالك : إنه أدرك الناس يقرءون في الأولى بالجمعة والثانية بسبح ، ولم يثبت ذلك في الأحاديث .

                                                                                                                                            وقال الهادي والقاسم والناصر : إنه يندب أن يقرأ في الجمعة [ ص: 329 ] مع الفاتحة سورة الجمعة في الأولى والمنافقين في الثانية ، أو سبح والغاشية . وقال زيد بن علي : في الأولى السجدة وفي الثانية الدهر . وقال أبو حنيفة وأصحابه : ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن الحسن البصري إنه يقرأ الإمام بما شاء .

                                                                                                                                            وقال ابن عيينة : إنه يكره أن يتعمد القراءة في الجمعة بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يجعل ذلك من سننها وليس منها . قال ابن العربي : وهو مذهب ابن مسعود وقد قرأ فيها أبو بكر الصديق بالبقرة .

                                                                                                                                            وحكى ابن عبد البر في الاستذكار عن أبي إسحاق المروزي مثل قول ابن عيينة ، وحكي عن ابن أبي هريرة مثله ، وخالفهم جمهور العلماء ، وممن خالفهم من الصحابة : علي وأبو هريرة . قال العراقي : وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي ثور .

                                                                                                                                            والحكمة في القراءة في الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقرأ في صلاة الجمعة بالجمعة فيحرض به المؤمنين ، وفي الثانية بسورة المنافقين فيفزع المنافقين } قال العراقي : وفي إسناده من يحتاج إلى الكشف عنه . قال الطبراني : لم يروه عن أبي جعفر إلا منصور تفرد به عنه عمرو بن أبي قيس . وقد اختلف فيه على منصور فرفعه عنه عمرو بن أبي قيس ، وخالفه في إسناده جرير بن حازم ، وأعضله فرواه عن منصور عن إبراهيم عن الحكم عن أناس من أهل المدينة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية