الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                  كتاب المكاتب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا كتاب في بيان أحكام المكاتب ، ووقع هكذا في المكاتب من غير ذكر لفظ كتاب ولا لفظ باب والبسملة موجودة عند الكل ، والمكاتب بفتح التاء هو الرقيق الذي يكاتبه مولاه على مال يؤديه إليه ، بحيث إنه إذا أداه عتق ، وإن عجز رد إلى الرق ، وبكسر التاء هو مولاه الذي بينهما عقد الكتابة ، والكتابة أن يقول الرجل لمملوكه : كاتبتك على ألف درهم مثلا ، ومعناه كتبت لك على نفسي أن تعتق مني إذا وفيت المال ، وكتبت لي على نفسك أن تفي بذلك ، أو كتبت عليك وفاء المال ، وكتبت علي العتق ، واشتقاقها من الكتب وهو الجمع يقال : كتبت الكتاب إذا جمعت بين الكلمات والحروف ، وسمي هذا العقد كتابة لما يكتب فيه ، وهو الذي ذكرناه ، فإن قلت : سائر العقود يوجد فيها معنى الكتابة فلم لا تسمى بهذا الاسم ؟ قلت : لئلا تبطل التسمية كالقارورة سميت بهذا الاسم لقرار المائع فيها ، ولم يسم الكوز ونحوه قارورة ، وإن كان يقر المائع فيه لئلا تبطل الأعلام ، والكتابة شرعا عقد بين المولى وعبده بلفظ الكتابة أو ما يؤدي معناه من كل وجه يوجب التحرير يدا في الحال ورقبة في المال ، وقال الروياني : الكتابة إسلامية ولم تكن تعرف في الجاهلية ، ورد عليه بأنها كانت متعارفة قبل الإسلام ، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن خزيمة في كلامه على حديث بريرة قيل : إن بريرة أول مكاتبة في الإسلام وقد كانوا يتكاتبون في الجاهلية بالمدينة ، وفي التوضيح : واختلف في أول من كوتب في الإسلام فقيل : سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه ، كاتب أهله على مائة ودية نجمها لهم ، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : " إذا غرستها فآذني ، قال : فلما غرستها آذنته ، فدعا فيها بالبركة فلم تفت منها ودية واحدة " ، وقيل : أول من كوتب أبو المؤمل فقال صلى الله عليه وسلم : " أعينوه " فقضى كتابته وفضلت عنده فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام : أنفقها في سبيل الله ، وأول من كوتب من النساء بريرة ، وأول من كوتب بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو أمية مولى عمر رضي الله تعالى عنه ثم سيرين مولى أنس .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية