الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . الآية . [ ص: 433 ] أخرج أبو الشيخ ، عن الضحاك في قوله : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر : يدعون إلى الإيمان بالله ورسوله والنفقات في سبيل الله وما كان من طاعة الله، وينهون عن المنكر ينهون عن الشرك والكفر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة من فرائض الله، كتبها الله على المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عباس : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض قال : إخاؤهم في الله، يتحابون بجلال الله والولاية له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب "قضاء الحوائج" والطبراني ، عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة . وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي عثمان مرسلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي موسى، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المعروف والمنكر خليقتان ينصبان يوم القيامة، فأما المعروف فيبشر أهله ويعدهم الخير، [ ص: 434 ] وأما المنكر فيقول لأصحابه : إليكم إليكم . وما تستطيعون له إلا لزوما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس، ولن يهلك رجل بعد مشورة، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة . قيل : وكيف ذاك؟ قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل المعروف، فقال : قد غفرت لكم على ما كان فيكم، وصانعت عنكم عبادي، فهبوها اليوم لمن شئتم؛ لتكونوا أهل المعروف في الدنيا وأهل المعروف في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمر قال : إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة؛ إن الله ليبعث المعروف يوم القيامة في صورة الرجل المسافر، فيأتي صاحبه إذا انشق قبره فيمسح عن وجهه التراب ويقول : أبشر يا ولي الله بأمان الله وكرامته، لا يهولنك ما ترى من أهوال يوم القيامة . فلا يزال يقول له : [ ص: 435 ] احذر هذا، واتق هذا . يسكن بذلك روعه حتى يجاوز به الصراط، فإذا جاوز به الصراط عدل ولي الله إلى منازله في الجنة، ثم يثني عنه المعروف فيتعلق به فيقول : يا عبد الله، من أنت؟ خذلني الخلائق في أهوال القيامة غيرك، فمن أنت؟ فيقول له : أما تعرفني؟ فيقول : لا، فيقول : أنا المعروف الذي عملته في الدنيا، بعثني الله خلقا لأجازيك به يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، وضعفه الذهبي، عن علي، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم؛ فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي إن الله خلق المعروف وخلق له أهلا فحببه إليهم، وحبب إليهم فعاله، ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء في الأرض الجدبة؛ لتحيا به ويحيى به أهلها، إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم أمر مناديا ينادي : ألا ليقم أهل المعروف [ ص: 436 ] في الدنيا . فيقومون، حتى يقفوا بين يدي الله فيقول الله : أنتم أهل المعروف في الدنيا؟ فيقولون : نعم . فيقول : وأنتم أهل المعروف في الآخرة، فقوموا مع الأنبياء والرسل فاشفعوا لمن أحببتم فأدخلوه الجنة، حتى تدخلوا عليهم المعروف في الآخرة كما أدخلتم عليهم المعروف في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب "قضاء الحوائج" عن بلال قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة، والمعروف يقي سبعين نوعا من البلاء ويقي ميتة السوء، والمعروف والمنكر خلقان منصوبان للناس يوم القيامة، فالمعروف لازم لأهله يقودهم ويسوقهم إلى الجنة، والمنكر لازم لأهله يقودهم ويسوقهم إلى النار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحب عباد الله إلى الله عز وجل من حبب إليه المعروف وحبب إليه فعاله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل للمعروف وجوها من خلقه وحبب إليهم فعاله، ووجه طلاب المعروف إليهم، ويسر عليهم إعطاءه، كما يسر الغيث إلى الأرض الجدبة؛ ليحييها ويحيي به أهلها، وإن الله جعل للمعروف أعداء من خلقه، بغض [ ص: 437 ] إليهم المعروف وبغض إليهم فعاله وحظر عليهم إعطاءه كما يحظر الغيث عن الأرض الجدبة ليهلكها ويهلك بها أهلها، وما يعفو الله أكثر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عليكم باصطناع المعروف فإنه يمنع مصارع السوء، وعليكم بصدقة السر فإنها تطفئ غضب الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والقضاعي والعسكري، وابن أبي الدنيا ، من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة، وكل ما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب له صدقة، وما وقى به عرضه كتب له به صدقة . قيل لمحمد بن المنكدر : ما يعني : ما وقى به عرضه؟ قال : الشيء يعطى الشاعر وذا اللسان المتقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار والطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 438 ] وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل معروف يصنعه أحدكم إلى غني أو فقير فهو صدقة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، عن جابر الجعفي رفعه قال : المعروف خلق من خلق الله تعالى كريم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية