الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 43 ] أو ) لا يأكل ( من هذه الشجرة ) قال في القاموس : الشجر من النبات ما قام على ساق أو ما سما بنفسه دق أو جل قاوم الشتاء أو عجز عنه ا هـ . ( فثمر ) لها مأكول فيما يظهر هو الذي يحنث به ( دون ورق وطرف غصن ) حملا على المجاز المتعارف لتعذر الحقيقة عرفا ، وألحق البلقيني الجمار بالثمر قال : وكذا ورق اعتيد أكله كبعض ورق شجر الهند أي : المسمى بالتنبل ونحوه ا هـ . وعليه يحتمل أنها كرءوس تباع مفردة فيحنث ، وافق عرف بلده أو لا ، وأنها كرأس نحو حوت فيعتبر عرف بلد الحالف ، ولعل هذا أقرب ، ويفرق بأن من شأن رءوس الأنعام ما مر فلم يعول فيها على بلد بخلاف غيرها ، والورق ليس من شأنه ذلك فألحق ما اعتيد أكله منه بالثانية ، أما إذا لم تتعذر الحقيقة فيحمل عليها مع المجاز الراجح كما لو حلف لا يشرب من ماء النهر ، الحقيقة الكرع بالفم وكثير يفعلونه ، والمجاز المشهور الأخذ باليد أو الإناء فيحنث بالكل ؛ لأنهما لما تكافآ إذ في كل قوة ليست في الآخر استويا فوجب العمل بهما إذ لا مرجح ، نعم نقلا عن جامع المزني أنه لا حنث بلبس الخاتم في غير الخنصر ؛ لأنه خلاف العادة ، واستدل له البغوي بما لو حلف لا يلبس القلنسوة فلبسها في رجله ، ورده ابن الرفعة بأن الذي فيه حنث المرأة لا الرجل ؛ لأنه العادة فيها وانتصر له هو وغيره بأنه الموافق لما مر في الوديعة ، ورجح الأذرعي قول الروياني عن الأصحاب يحنث مطلقا لوجود حقيقة اللبس وصدق الاسم ، ثم بحث أنه لا فرق بين لبسه في الأنملة العليا وغيرها ا هـ وهذا هو الأقرب لقاعدة الباب وليس كما ذكره البغوي ؛ لأن ذاك لم يعتد أصلا وهذا معتاد في عرف أقوام وبلدان مشهورة ، ومما يؤيد أنه بغير الخنصر ليس من خصوصيات النساء ما مر من كراهته للرجل ، خلافا لمن زعم حرمته محتجا بأنه من خصوصياتهن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أو من هذه الشجرة ) بقي ما لو لم يكن لها مأكول من ثمر وغيره ، هل تحمل اليمين على غير المأكول بقرينة عدم المأكول ؟ ( قوله : وعليه يحتمل أنها كرءوس تباع مفردة إلخ ) هذا التردد مبني على كلامه السابق ، وقد بينا فيما سبق اختلاله



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو ما سما بنفسه إلخ ) انظر ما الفرق بين التعريفين ويظهر أنهما متساويان وأو للتنويع في التعبير . ( قوله : فثمر لها مأكول إلخ ) بقي ما لو لم يكن لها مأكول من ثمر وغيره هل تحمل اليمين على غير المأكول بقرينة عدم المأكول ؟ ا هـ . سم ( قوله : لها مأكول إلخ ) إلى قوله : قال في النهاية . ( قوله : حملا ) إلى قوله : أي المسمى بالتنبل في المغني . ( قوله قال ) أي : البلقيني .

                                                                                                                              ( قوله : كبعض ورق إلخ ) الأولى كورق بعض إلخ كما في المغني . ( قوله : أي : المسمى ) أي : الورق ويحتمل شجر الهند . ( قوله : كبعض ورق شجر الهند إلخ ) وكورق العنب فيحنث بأكله كما في الزيادي . ا هـ بجيرمي . ( قوله : أنها ) أي : الأوراق المعتاد أكلها ( قوله : كرءوس تباع إلخ ) أي : كرءوس الأنعام . ( قوله : وأنها كرأس نحو حوت إلخ ) هذا التردد مبني على كلام السابق في أوائل الفصل ، وقد بينا هناك اختلاله ا هـ سم . ( قوله : بالثانية ) وهي رأس نحو حوت ( قوله : أما إذا لم تتعذر ) إلى قوله : نعم في المغني والنهاية . ( قوله : لا يشرب من ماء النهر إلخ ) ولو حلف لا يشرب ماء هذا النهر أو الغدير لم يحنث بشرب بعضه ا هـ . نهاية عبارة المغني فروع لو حلف لا يشرب من هذا الكوز فجعل ماءه في غيره وشربه لم يحنث ؛ لأن اليمين تعلقت بالشرب من الكوز ولم يوجد ، وإن حلف لا يشرب من ماء هذا النهر أو لأشربن منه فشرب من مائه في كوز حنث في الأولى وبر في الثانية

                                                                                                                              وإن قل ما شربه أو حلف لا أشرب أو لأشربن ماء هذا الكوز أو الإداوة أو نحو ذلك مما يمكن استيفاؤه شربا في زمان ، وإن طال لم يحنث في الأولى ولم يبر في الثانية بشرب بعضه ، بل بشرب الجميع ؛ لأن الماء معرف بالإضافة فيتناول الجميع قال الدميري ولو قال : لا أشرب ماء النيل أو ماء هذا النهر أو الغدير لم يحنث بشرب بعضه ا هـ . ولو حلف ليصعدن السماء غدا حنث في الغد فإن لم يقل غدا حنث في الحال أو لأشربن ماء هذا الكوز وكان فارغا وهو عالم بفراغه أو لأقتلن زيدا وهو عالم بموته حنث في الحال ، وإن كان فيه ماء فانصب منه قبل مكان شربه فكالمكره أو لأشربن منه فصبه في ماء وشرب منه بر إن علم وصوله إليه ولو حلف ليشربنه من الكوز فصبه في ماء وشربه أو شرب منه لم يبر ، وإن علم وصوله إليه ؛ لأنه لم يشرب من الكوز فيهما ولم يشرب جميعه في الثانية ، ولو حلف أنه لا يشرب ماء هذا النهر أو نحوه أو لا يأكل خبز الكوفة ونحوها أو لا يصعد السماء لم تنعقد يمينه ؛ لأن الحنث في ذلك غير متصور ولو حلف لا يشرب ماء فراتا أو من ماء فرات حنث بالماء العذب من أي موضع كان لا بالمالح أو من ماء الفرات حمل على النهر المعروف ، ولو حلف لا يشرب الماء حنث بكل ماء حتى بماء البحر وشرب ماء الثلج والجمد لا أكلهما فشربهما غير أكلهما وأكلهما غير شربهما والثلج غير الجمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله واستدل له ) أي : لما في الجامع . ( قوله ورده ) أي : النقل ، وقوله : بأن الذي فيه أي في الجامع . ( قوله : ورده ابن الرفعة إلخ ) اعتمده المغني ( قوله : لأنه ) أي : لبس الخاتم في غير الخنصر العادة فيها أي : في حق المرأة دون الرجل . ( قوله : له ) أي : للذي في الجامع من حنث المرأة لا الرجل ، وقوله : هو أي : ابن الرفعة . ( قوله : يحنث ) أي باللبس في غير الخنصر مطلقا أي : رجلا كان أو امرأة .

                                                                                                                              ( قوله : ثم بحث ) أي : الأذرعي . ( قوله : وغيرها ) أي : من الوسطى والسفلى . ( قوله : وهذا هو الأقرب ) أي ما قاله الأذرعي نقلا وبحثا . ( قوله وليس ) أي : الأمر كما ذكره البغوي أي : من قياس الخاتم على القلنسوة ( قوله : لأن ذاك ) أي : لبس القلنسوة في الرجل ، وقوله : وهذا أي : لبس الخاتم في غير الخنصر . ( قوله : من كراهته ) أي : لبس الخاتم في غير الخنصر .




                                                                                                                              الخدمات العلمية