الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو ) ( نسخ وجوب ) فعل ( بقي الجواز ) فيه ( مشتركا بين ندب وإباحة ) فيبقى الفعل إما مباحا ، أو مندوبا . لأن الماهية الحاصلة بعد النسخ مركبة من قيدين . أحدهما : زوال الحرج عن الفعل ، وهو المستفاد من الأمر ، والثاني : زوال الحرج عن الترك ، وهو المستفاد من الناسخ . وهذه الماهية صادقة على المندوب والمباح ، فلا يتعين أحدهما بخصوصه . وهذا اختيار المجد وغيره من أصحابنا . ورجحه الرازي وأتباعه والمتأخرون . وحكي عن الأكثر . وقال القاضي في العدة ، وأبو الخطاب في التمهيد وابن عقيل في الواضح ، وابن حمدان في المقنع . يبقى الندب ، لأن المرتفع : التحتم بالطلب ، فإذا زال التحتم ، بقي أصل الطلب ، وهو الندب ، فيبقى الفعل مندوبا .

إذا علمت ذلك ، فذهبت طائفة : إلى أن الخلاف لفظي ، منهم : ابن التلمساني ، والهندي ، لأنا إن فسرنا الجواز بنفي الحرج ، فلا شك أنه جنس للواجب ، فإذا رفع الوجوب وحده ، فلا يلزم ارتفاعه . وإن فسرناه بالأعم ، أو بالإباحة ، أو بالندب : فخاصتها في خاصة الوجوب . فليس شيء منها جنسا للوجوب . فإذا رفع الوجوب لا يوجد إلا بدليل يخصها فلا نزاع ، لأن الأقوال لم تتوارد على محل واحد يخصها .

وأجيب عن ذلك : بأن الذي يعيد الحال إلى ما كان قبل الإيجاب : من إباحة ، أو تحريم ، أو كراهة ، غير الذي يؤخذ من حدوث الإيجاب بعد ذلك : أن تبقى إباحة شرعية ، أو ندب كما قرر ، حتى يستدل أنه مباح أو مندوب بذلك الأمر الذي نسخت خاصة التحتم به ، وبقية ما تضمنته باقية ، فلا يكون الخلاف [ ص: 134 ] لفظيا ، بل معنويا ، لأنه إذا كان قبل مجيء أمر الإيجاب حراما ، وأعيد الحال إلى ذلك كان حراما . ومن يقول يبقى الجواز ، لا يكون حراما

التالي السابق


الخدمات العلمية