الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            1261 - ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح الم تنزيل ، وهل أتى على الإنسان ، وفي صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين } رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ) .

                                                                                                                                            1262 - ( وعن أبي هريرة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل ، وهل أتى على الإنسان . } رواه الجماعة إلا الترمذي وأبا داود ، لكنه لهما من حديث ابن عباس ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند ابن ماجه قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة { الم تنزيل } ، و { هل أتى على الإنسان } } وأورده ابن عدي في [ ص: 330 ] الكامل ، وفي إسناده الحارث بن شهاب وهو متروك الحديث .

                                                                                                                                            وعن ابن مسعود عند ابن ماجه أيضا : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة { الم تنزيل } ، وهل أتى } وقد رواه الطبراني ورجاله ثقات ، وعن علي بن أبي طالب عليه السلام عند الطبراني في معجميه الصغير والأوسط بنحو الذي قبله ، وفي إسناده حفص بن سليمان الغاضري ضعفه الجمهور . وهذه الأحاديث فيها مشروعية قراءة تنزيل السجدة و { هل أتى على الإنسان } ، قال العراقي : وممن كان يفعله من الصحابة عبد الله بن عباس . ومن التابعين إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو مذهب الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث وكرهه مالك وآخرون . قال النووي : وهم محجوجون بهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة المروية من طرق . واعتذر مالك عن ذلك بأن حديث أبي هريرة من طريق سعد بن إبراهيم وهو مردود . أما أولا : فبأن سعد بن إبراهيم قد اتفق الأئمة على توثيقه . قال العراقي : ولم أر من نقل عن مالك تضعيفه غير ابن العربي ، ولعل الذي أوقعه في ذلك هو أن مالكا لم يرو عنه . قال ابن عبد البر : وأما امتناع مالك عن الرواية عن سعد فلكونه طعن في نسب مالك .

                                                                                                                                            وأما ثانيا : فغاية هذا الاعتذار سقوط الاستدلال بحديث أبي هريرة دون بقية أحاديث الباب . قال الحافظ : ليس في شيء من الطرق التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة تنزيل في هذا المحل إلا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : { غدوت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر ، فقرأ سورة فيها سجدة فسجد } الحديث .

                                                                                                                                            وفي إسناده من ينظر في حاله وللطبراني في الصغير من حديث علي { أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة } لكن في إسناده ضعف انتهى . قال العراقي : قد فعله عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن مسعود وابن عمر وعبد الله بن الزبير ، وهو قول الشافعي وأحمد ، وقد كرهه في الفريضة من التابعين أبو مجلز ، وهو قول مالك وأبي حنيفة وبعض الحنابلة ، ومنعته الهادوية . وقد قدمنا بعض حجج الفريقين في أبواب سجود التلاوة . وقد اختلف القائلون باستحباب قراءة { الم تنزيل } السجدة في يوم الجمعة هل للإمام أن يقرأ بدلها سورة أخرى فيها سجدة فيسجد فيها أو يمتنع ذلك ؟ فروى ابن أبي شيبة في المصنف عن إبراهيم النخعي قال : كان يستحب أن يقرأ يوم الجمعة بسورة فيها سجدة . وروى أيضا عن ابن عباس وقال ابن سيرين : لا أعلم به بأسا .

                                                                                                                                            . قال النووي في الروضة من زوائده : لو أراد أن يقرأ آية أو آيتين فيهما سجدة لغرض السجود فقط لم أر فيه كلاما لأصحابنا . قال : وفي كراهته خلاف للسلف . وأفتى الشيخ ابن عبد السلام بالمنع من ذلك وبطلان الصلاة به .

                                                                                                                                            وروى ابن أبي شيبة عن أبي العالية والشعبي كراهة اختصار السجود ، زاد الشعبي : وكانوا يكرهون [ ص: 331 ] إذا أتوا على السجدة أن يجاوزوها حتى يسجدوا ، وكره اختصار السجود ابن سيرين . وعن إبراهيم النخعي : أنهم كانوا يكرهون أن تختصر السجدة . وعن الحسن : أنه كره ذلك .

                                                                                                                                            وروي عن سعيد بن المسيب وشهر بن حوشب : أن اختصار السجود مما أحدث الناس وهو أن يجمع الآيات التي فيها السجود ، فيقرؤها ويسجد فيها . وقيل : اختصار السجود أن يقرأ القرآن إلا آيات السجود ، فيحذفها ، وكلاهما مكروه ، لأنه لم يرد عن السلف . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية