الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 44 ] ( فصل ) .

                                                                                                                              في صور منثورة ليقاس بها غيرها لو ( حلف ) لا يتغدى أو لا يتعشى فقد مر حكمه في فصل الإعسار بالنفقة أو ( لا يأكل هذه التمرة فاختلطت بتمر فأكله إلا تمرة ) أو بعضها ، وشك هل هي المحلوف عليها أو غيرها ( لم يحنث ) ؛ لأن الأصل براءة ذمته من الكفارة ، والورع أن يكفر ، فإن أكل الكل حنث لكن من آخر جزء أكله فتعتد في حلف بطلاق من حينئذ ؛ لأنه المتيقن ( أو ) حلف ( ليأكلنها فاختلطت ) بتمر وانبهمت ( لم يبر إلا بالجميع ) أي : أكله لاحتمال أن المتروكة هي المحلوف عليها فاشترط تيقن أكلها ، ومن ثم لو اختلطت بجانب من الصبرة أو بما هو بلونها وغيره لم يحتج إلا إلى أكل ما في جانب الاختلاط وما هو بلونها فقط .

                                                                                                                              ( أو ليأكلن هذه الرمانة فإنما يبر بجميع حبها ) أي : أكله لتعلق اليمين بالكل ، ولهذا لو قال : لا آكلها فترك حبة لم يحنث ومر في فتات خبز يدق مدركه أنه لا عبرة به فيحتمل أن مثله حبة رمانة يدق مدركها ويحتمل أن يفرق بأن من شأن الحبة أنه لا يدق إدراكها بخلاف فتات الخبز ، ومن ثم كان الأوجه في بعض الحبة التفصيل كفتات الخبز .

                                                                                                                              ( أو لا يلبس ) هذا أو الثوب الفلاني أو قيل له : البسه فقال : والله لا ألبسه فسل منه خيط لم يحنث كما مر عن الشاشي بقيده ، وفارق لا أساكنك في هذه الدار فانهدم بعضها وساكنه في الباقي بأن المدار هنا على صدق المساكنة ، ولو في جزء من الدار وثم على لبس الجميع ولم يوجد أو لا أركب أو لا أكلم هذا فقطع أكثر بدنه بأن القصد هنا النفس وفي اللبس جميع الأجزاء ولا ينافي ما تقرر في سل الخيط تعبير شيخنا بقوله إن أزال منه القوارة أو نحوها الموهم أنه لا يكفي سل الخيط وإن طال ؛ لأن مراده مجرد التمثيل بدليل قوله في فتاويه لا يحنث إذا سل خيطا منه أو لا يلبس أو لا يأكل أو لا يدخل مثلا ( هذين لم يحنث [ ص: 45 ] بأحدهما ) ؛ لأنه حلف عليهما

                                                                                                                              فإن نوى لا ألبس منهما شيئا حنث بأحدهما ( فإن لبسهما معا أو مرتبا حنث ) لوجود لبسهما المحلوف عليه ( أو لا يلبس هذا ولا هذا حنث بأحدهما ) ؛ لأنهما يمينان حتى لو لبس واحدا ثم واحدا لزمه كفارتان ؛ لأن العطف مع تكرر لا يقتضي ذلك فإن أسقطه لا كان كهذين نحو لا آكل هذا وهذا أو لآكلن هذا وهذا أو اللحم والعنب ، فيتعلق الحنث في الأولى والبر في الثانية بهما وإن فرقهما لا بأحدهما لتردده بينه وبين هذا ولا هذا لكن رجح الأول أصل براءة الذمة

                                                                                                                              وقول النحاة : النفي بلا لنفي كل واحد وبدونها لنفي المجموع يوافق ذلك ثم ما تقرر من أن الإثبات كالنفي الذي لم يعد معه حرفه هو ما اعتمده جمع متأخرون ، ويشير لاعتماده أنهما لما نقلا عن المتولي أنه كالنفي المعاد معه حرف حتى تتعدد اليمين لوجود حرف العطف توقفا فيه ، بل رداه حيث قالا : لو أوجب حرف العطف تعدد اليمين في الإثبات لأوجبه في النفي أي غير المعاد معه حرفه

                                                                                                                              وقد بالغ ابن الصلاح في الرد على المتولي فقال : أحسب أن ما قاله من تصرفه ، أو لألبسن هذا أو هذا بر بلبس واحد ؛ لأن أو إذا دخلت بين إثباتين اقتضت ثبوت أحدهما أو لا ألبس هذا أو هذا فالذي رجحاه أنه لا يحنث إلا بلبسهما وردا مقابله أنه يحنث بأيهما لبس ؛ لأن أو إذا دخلت بين نفيين اقتضت انتفاءهما كما في : { ولا تطع منهم آثما أو كفورا } . بمنع ما علل به أي وما في الآية إنما استفيد من خارج ؛ لأن أو إذا دخلت بين نفيين كفى للبر أن لا يلبس واحدا منهما ولا يضر لبسه لأحدهما كما أنها إذا دخلت بين إثباتين كفى للبر أن يلبس أحدهما ولا يضر أن لا يلبس الآخر ، وانتصار البلقيني للمقابل مردود ، ولو عطف بالفاء أو ثم عمل بقضية كل من ترتب [ ص: 46 ] بمهلة أو عدمها ، ولو غير نحوي كما أطلقوه ، لكن قضية ما مر له في أن دخلت بالفتح خلافه وعليه فيتجه في عامي لا نية له أن لا تعتبر ترتيب فضلا عن قيده ( أو ليأكلن هذا الطعام ) أو ليقضينه حقه أو ليسافرن ( غدا فمات ) بغير قتله لنفسه أو نسي ( قبله ) أي : الغد ومثله كما يعلم من كلامه الآتي موته أو نسيانه بعد مجيء الغد وقبل تمكنه ( فلا شيء عليه ) ؛ لأنه لم يبلغ زمن البر والحنث .

                                                                                                                              ( وإن مات ) أو نسي ( أو تلف الطعام ) أو بعضه ( في الغد بعد تمكنه ) من قضائه أو السفر أو ( من أكله ) بأن أمكنه إساغته وإن كان شبعان أي حيث لا ضرر كما علم مما مر في مبحث الإكراه ، وأما ما اقتضاه إطلاق بعضهم من أن الشبع عذر فيتعين حمله على ما ذكرته ( حنث ) لتفويته البر حينئذ باختياره ، ومن ثم ألحق قتله لنفسه قبل الغد بهذا [ ص: 47 ] لأنه به مفوت لذلك أيضا وكذا لو تلف الطعام قبله بتقصيره كأن أمكنه دفع آكله فلم يدفعه ( و ) في موته أو نسيانه ( قبله ) أي : التمكن من ذلك جرى في حنثه ( قولان كمكره ) والأظهر عدمه لعذره وحيث أطلقوا قولي المكره أرادوا الإكراه على الحنث فقط ، أما إذا أكره على الحلف فلا خلاف في عدم الحنث ( وإن أتلفه ) عامدا عالما مختارا ( بأكل أو غيره ) كأدائه الدين في الصورة التي ذكرتها ما لم ينو أنه لا يؤخر أداءه عن الغد ( قبل الغد ) أو بعده وقبل تمكنه منه . ( حنث ) ؛ لتفويته البر باختياره ومر أن تقصيره في تلفه كإتلافه له ثم الأصح أنه إنما يحنث بعد مجيء الغد ومضي وقت التمكن فلو مات قبل ذلك لم يحنث وقيل بغروبه ، وقيل : حالا فعليه لمعسر نية صوم الغد عن كفارته ( وإن تلف ) الطعام بنفسه ( أو أتلفه أجنبي ) قبل الغد أو التمكن ولم يقصر فيهما كما مر ( فكمكره ) فلا يحنث لعدم تفويته البر وما ذكرته من إلحاق ليقضينه حقه أو ليسافرن بمسألة الطعام فيما ذكر فيها هـ و القياس كما لو حلف بالطلاق الثلاث ليسافرن في هذا الشهر ثم خالع بعد تمكنه من الفعل فإنه يقع [ ص: 48 ] عليه الثلاث قبل الخلع ؛ لتفويته البر باختياره ، ومر في ذلك بسط في الطلاق فراجعه ( تنبيه ) .

                                                                                                                              لم أر لهم ضابطا للتمكن هنا وفي نظائره من كل ما علقوا فيه الحنث بالتمكن ، وقد اختلف كلامهم في ضبط التمكن في أبواب فالتمكن من الماء في التيمم بتوهمه بحد الغوث أو تيقنه بحد القرب وأمن ما مر وظاهره أنه يلزمه مشي لذلك أطاقه لا ذهاب لما فوق ذلك ، ولو راكبا وفي الجمعة بالقدرة على الذهاب إليها ، ولو قبل الوقت إذا بعدت داره ولو ماشيا ، ولو بنحو مركوب وقائد قدر على أجرتهما وفي الحج بما مر فيه في مبحث الاستطاعة ، ومنه أنه يلزمه مشي قدر عليه إذا كان دون مرحلتين وفي الرد بالعيب والأخذ بالشفعة بما مر فيهما ، وحينئذ فما هنا يلحق بأي تلك المواضع حتى يجري فيه جميع ما ذكروه في ذلك من التمكن وأعذاره

                                                                                                                              وقد علمت اختلافهما باختلاف تلك المواضع ، وللنظر في ذلك مجال أي مجال ، وواضح أنه حيث خشي من فعل المحلوف عليه مبيح تيمم لم يكن متمكنا منه فإن لم يخش ذلك ، فالذي يتجه أنه لا يكفي توهم وجود المحلوف عليه بخلاف الماء ؛ لأن له بدلا بل لا بد من ظن وجوده بلا مانع مما مر في التيمم وأن المشي والركوب هنا كالحج وأن الوكيل إن لم يفعل بنفسه كما في الرد بالعيب فيعد متمكنا إذا قدر عليه ، ولو بأجرة مثل طلبها الوكيل فاضلة عما يعتبر في الحج ، وإن قائد الأعمى ونحو محرم المرأة والأمرد كما في الحج فيجب ، ولو بأجرة وأن عذر الجمعة ونحو الرد بالعيب أعذار هنا فوجود أحدهما يمنع التمكن إلا في نحو أكل كريه مما لا أثر له هنا بخلافه في نحو الشهادة على الشهادة كما يأتي ، ومر قبيل العدد في أعذار تأخير النفي الواجب فورا ما له تعلق بما هنا

                                                                                                                              ويفرق بين ما هنا وكل من تلك النظائر على حدته بأن كلا من تلك المغلب فيه إما حق الله أو حق الآدمي فتكلموا فيه بما يناسبه ، وهنا ليس المغلب فيه واحدا من هذين وإنما المدار على ما يأتي

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 44 ] فصل )

                                                                                                                              حلف لا يأكل هذه التمرة إلخ . ( قوله : حلف لا يأكل هذه التمرة إلخ ) قال في الروض : أو حلف لأشربن منه أي من ماء هذا الكوز فصبه في ماء وشرب منه بر إن علم وصوله إليه ؛ لأنه شرب من ماء الكوز وهذا من زيادته ، والذي في الأصل : ولو حلف لا يشرب منه فصبه في ماء وشرب منه حنث قال : وكذا لو حلف لا يشرب من لبن هذه البقرة فخلطه بلبن غيرها بخلاف ما لو حلف لا يأكل هذه التمرة فخلطها بصبرة إلا بأكل جميع الصبرة ، والفرق ظاهر . ا هـ . ما في شرحه ولا يخفى أن ما ذكره الروض أولا يؤخذ من قول أصله ولو حلف لا يشرب منه فصبه في ماء وشرب منه حنث ؛ لأنه إنما حنث لصدق الشرب منه وإذا صدق الشرب منه لزم البر بالشرب منه بعد الصب في حلفه لأشربن منه غاية الأمر أن تقييد الروض بقوله إن علم إلخ مسكوت عنه في مفهوم الأصل [ ص: 45 ] فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : لكن رجح إلخ ) انظره في الثانية ( قوله : وبدونها لنفي المجموع ) قال في المغني في الكلام على أقسام العطف : تنبيه لا تأكل سمكا وتشرب لبنا إن جزمت فالعطف على اللفظ والنهي عن كل منهما . ا هـ .

                                                                                                                              قال الدماميني كذا قاله غيره أيضا ولي فيه نظر إذ لا موجب لتعين أن يكون النهي عن كل واحد منهما على كل حال ولا مانع من أن يكون المراد النهي عن الجميع بينهما كما قالوا : إذا قلت ما جاءني زيد وعمرو احتمل أن المراد نفي كل منهما على كل حال وأن يراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء فإذا جيء بلا صار الكلام نصا في المعنى الأول ، ولا يرتاب في أنك إذا قلت لا تضرب زيدا وعمرا احتمل تعلق النهي بكل منهما مطلقا وتعلقه بهما على معنى الاجتماع ، ولا فرق في ذلك بين الاسم والفعل . ا هـ . قال الشمني : يرتفع هذا النظر بأن معنى قولهم : والنهي عن كل واحد منهما أي : ظاهرا فلا ينافي ذلك احتمال النهي عن الجمع بينهما . ا هـ . فأنت ترى كلام الثلاثة يفيد احتمال المعنيين عند النحاة وكلام المغني والشمني يفيد أنه ظاهر في نفي كل منهما فانظر مع ذلك جزمه عن النحاة بقوله وبدونها لنفي المجموع والله أعلم . ( قوله : حتى تتعدد اليمين ) وفائدة تعددها في الإثبات تعدد الكفارة إذا انتفى البر ( قوله : لأن أو إذا دخلت بين نفيين اقتضت إلخ ) اعلم أن الذي قرره الرضي وغيره أن العطف [ ص: 46 ] بأو بعد النفي لأحد المذكورين أو المذكورات بحسب أصل وضع اللفظ ولكل واحد بحسب استعمال اللغة فما رجحاه نظرا فيه إلى الأول إن سلما ما قرره هؤلاء ( قوله : ولو غير نحوي ) كتب عليه م ر ( قوله : فمات قبله ) أي الغد أي : واستمر نسيانه حتى مضي الغد ( قوله : ومن ثم ألحق قتله لنفسه قبل الغد ) لهذا القائل أن يقول لا معنى لإلحاقه به إلا حنثه إذا جاء الغد ومضى قبل التمكن إذ الحنث إنما يكون حينئذ كما سيأتي ، لكن يرد حينئذ بحث وهو أنه يلزم تحنيث الميت وهو غير سائغ ، ولهذا لما قالوا إنهلو حلف أنه لا يهب له لم يحنث بالوصية له عللوه بأنها تمليك بعد الموت والميت لا يحنث ا هـ فتأمل .

                                                                                                                              وكقتله لنفسه قتل غيره له قبل الغد إذا تمكن من دفعه فلم يدفعه كما في الناشري فإنه صرح بالحنث فيما إذا صال عليه قبل الغد مع تمكنه من دفعه فلم يدفعه حتى قتله ونقله عن البلقيني ، وأنه قال : إنه لم يرد ذلك . ا هـ . وفيه ما علمت من قتله لنفسه فليتأمل .

                                                                                                                              ثم رأيت قول الشارح الآتي فلو مات قبل ذلك لم يحنث وهو ينافي قوله : ومن ثم ألحق إلخ فتأمله . وفي شرح الروض في الصوم في الكلام على تأخير قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر عن الزركشي في مسألتنا عدم الحنث فراجعه . ( قوله : أيضا ومن ثم ألحق قتله لنفسه قبل الغد بهذا ) وقد يقال قياس ذلك الحنث في مسألة ابن الرفعة إذا وقع الخلع قبل التمكن من السفر لكنه مشكل إذ الحنث إنما يكون بعذر من التمكن فإن حنث بعده لزم الحنث بعد الخلع [ ص: 47 ] فإن كان مع نفوذ الخلع لم يمكن إذ لا حنث مع البينونة أو مع بطلانه ، فكيف يبطل بطلاق بعده ، وأما الحنث بعد الموت فممكن ( قوله : أيضا ألحق قتله لنفسه قبل الغد ) هذا الحنث في مسألة ابن الرفعة إذا خالع قبل التمكن من السفر إذ خلعه كقتله نفسه خلاف تقييد الشارح ببعد التمكن لكنه مشكل . ( قوله : كأن أمكنه دفع آكله فلم يدفعه ) ، وكذا لو صال صائل على الحالف فلم يدفعه مع تمكنه من دفعه حتى قتله كما قاله البلقيني .

                                                                                                                              ( قوله : أو بعده ) هذا بالنظر لقوله كأدائه الذي يقتضي تصور أداء الدين بعد الغد وقبل التمكن ولا يخفى استحالته فتأمله ( قوله : فلو مات قبل ذلك لم يحنث ) أي : والفرض أنه أتلفه عامدا عالما مختارا قبل الغد كما هو صريح العبارة ، وحينئذ فعدم الحنث هنا مشكل على قوله السابق ، ومن ثم ألحق قتله لنفسه إلخ إذ هو في كل منهما مفوت للبر باختياره فتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : بعد تمكنه ) انظر هل وجه هذا التقييد أنه لو خالع قبل التمكن لم يمكن وقوع الثلاث لسبق الخلع حينئذ إذ وقوع الثلاث إنما يكون بعد مضي التمكن ، وسبق الخلع مانع من الوقوع ولا يقال : بل يقع الثلاث ويتبين بوقوعها بطلان الخلع ؛ لأنه غير ظاهر إذ يكتفي بكون الطلاق الثلاث المتأخر عن زمن الخلع رافعا له أو التقييد لحكمة أخرى ، ولا فرق بين ما بعد التمكن وما قبله فليحرر .

                                                                                                                              ( قوله : أيضا بعد تمكنه ) كأن وجه هذا التقييد أن الحنث إنما هـ و بعد مضي زمن التمكن أخذا من قوله السابق ، ثم الأصح أنه إنما يحنث إلخ فإذا خالع قبل التمكن لم يمكن وقوع الطلاق بل بعد مضي زمن التمكن ؛ لتأخره عن زمن الخلع فهي حينئذ بائن لا يلحقها طلاق ، لكن قياس قوله السابق ، ومن ثم ألحق إلخ خلافه . ( قوله : أيضا بعد تمكنه ) هذا القيد موافق لما تقدم في الطلاق في مسألة ابن الرفعة . ( قوله : بعد تمكنه من الفعل ) أي ولم يسافر - - .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              [ ص: 44 ] فصل في صور منثورة ) .

                                                                                                                              ( قوله لو حلف لا يتغدى إلخ ) ولو حلف لا يشم بفتح الشين المعجمة وحكي ضمها والريحان بفتح الراء حنث بشم الضيمران وهو بفتح الضاد المعجمة وإسكان الياء التحتية الريحان الفارسي ؛ لانطلاق الاسم عليه حقيقة وإن شم الورد أو الياسمين لم يحنث ؛ لأنه مشموم لا ريحان ومثله البنفسج والنرجس والزعفران ، ولو حلف أنه يترك المشموم حنث بذلك دون المسك والكافور والعنبر ؛ لأنها طيب لا مشموم ، ولو حلف على الورد والبنفسج لم يحنث بدهنهما ا هـ مغني ( قوله أو بعضها ) إلى قوله ومر في المغني وإلى قوله ولا ينافي ما تقرر في النهاية إلا قوله كما مر إلى وفارق ( قوله : لأن الأصل براءة ذمته إلخ ) أي وعدم نحو الطلاق ا هـ رشيدي ( قوله : والورع أنه يكفر ) أي في الصورتين ا هـ ع ش ( قوله : لم يحتج إلا إلى أكل ما في جانب الاختلاط إلخ ) أي ويبر بذلك فيما لو حلف ليأكلنها كما هـ و ظاهر ا هـ رشيدي ( قول المتن : فإنما يبر بجميع حبها ) أي وإن ترك القشر وما فيه مما يتصل بالحب المسمى بالشحم وقياس ذلك أنه لو حلف ليأكلن هذه البطيخة بر بأكل ما يعتاد أكله من لحمها فلا يضر ترك القشر واللب ، ثم يبقى النظر في أنه هل يشترط أكل جميع ما يمكن عادة من لحمها أو يختلف باختلاف أحوال الناس ؟ والأقرب الثاني ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : فترك حبة ) أي أو بعضها كما يأتي ع ش ( قوله : ومر في فتات الخبز ) أي مر في الطلاق ا هـ رشيدي أي وعن قريب في شرح ولو قال : مشيرا إلى حنطة إلخ ( قوله : يدق مدركه ) أي إدراكه بحيث لا يسهل التقاطه عادة باليد وإن أدركه البصر ا هـ ع ش ( قوله : أو لا يلبس هذا إلخ ) ومثل هذا الثوب هذا الشاش أو الرداء مثلا فيما يظهر حيث قال : لا ألبسه ، وأما لو قال لا أرتدي بهذا الثوب أو لا أتعمم بهذه العمامة أو لا ألف هذا الشاش فهل هو مثل اللبس فيبر بسل خيط منه أو مثل ركوب الدابة فلا يبر بذلك فيه نظر والأقرب الأول ا هـ ع ش ( قوله : فسل منه خيط ) أي قدر أصبع مثلا طولا لا عرضا وليس مما خيط به بل من أصل منسوجه ا هـ ع ش وقوله : لا عرضا فيه نظر ظاهر وقوله وليس إلخ فيه تردد ( قوله : كما مر ) أي في شرح ولو قال مشيرا إلى حنطة ( قوله : بقيده ) أي بأن يكون نحو مقدار إصبع مما يحس ويدرك . ( قوله أو لا أركب ) أي : هذا الحمار أو السفينة . ا هـ . نهاية أي أو على هذه البرذعة فيما يظهر ، ومثل ما ذكر في عدم البر بقطع جزء منه ما لو حلف لا يرقد على هؤلاء الطراريح أو الطراحة أو الحصير أو الإحرام فيحنث بالرقاد على ذلك ، وإن قطع بعضه ؛ لوجود مسماه بعد القطع وكذا لو فرش على ذلك ملاءة ؛ لأن العرف يعده رقد عليها بل هذا هو المعتاد في النوم على الطراحة فتنبه له ولا تغتر بما نقل من خلافه عن بعض أهل العصر . ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : أو لا أركب أو لا أكلم إلخ ) عطف على قوله لا أساكنك إلخ ، وقوله بأن القصد إلخ على قوله : بأن المدار إلخ ( قوله : بأن القصد هنا النفس ) أي وهي موجودة ما بقي المسمى ولا كذلك اللبس ؛ لأن المدار فيه على ملامسة البدن لجميع أجزائه . ا هـ . نهاية قال ع ش : قوله ولا كذلك اللبس قضية التعبير باللبس جريان هذا في غير الثوب من نحو زرموزة وقبقاب وسراويل فيبر في الكل بقطع جزء من المحلوف عليه حيث كان من غير ما خيط به . ا هـ . ( قوله : إذا سل خيطا منه ) [ ص: 45 ] أي وإن قل حيث كان يحس ويدرك . ا هـ . ع ش ( قوله : ؛ لأنه حلف ) إلى قوله : ثم ما تقرر في المعنى إلا قوله أو لآكلن إلى فيتعلق ، وقوله في الأولى إلى بهما ( قول المتن معا ) أي في مدة واحدة وقوله أو مرتبا أي بأن يلبس أحدهما ثم نزعه ثم لبس الآخر ( تنبيه ) .

                                                                                                                              قد استعمل المصنف معا للاتحاد في الزمان وفاقا لثعلب وغيره لكن الراجح عند ابن مالك خلافه . ا هـ . مغني ( قوله : لأنهما ) إلى قوله وقد بالغ في النهاية إلا قوله كان كهذين وقوله وإن فرقهما إلى ثم ما تقرر ( قوله : ثم واحدا إلخ ) وظاهر أن ما يفيده ثم من الترتيب ليس بقيد ( قوله : أو لآكلن إلخ ) عطف على لا آكل هذا وهذا ( قوله : في الأولى ) أي لا آكل هذا وهذا وقوله في الثانية أي : لآكلن هذا وهذا إلخ ( قوله : لتردده بينه ) أي : بين هذين أو بين أحدهما عبارة المغني لتردده بين جعلهما كالشيء الواحد أو الشيئين . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لكن رجح إلخ ) انظره في الثانية . ا هـ . سم وقد يقال : إن قول الشارح لتردده إلخ راجع للأولى فقط كما أن قوله : ثم ما تقرر إلخ راجع للثانية فقط فلا إشكال ( قوله وبدونها لنفي المجموع إلخ ) وفي سم بعد سرد كلام المغني والدماميني والشمني ما نصه فأنت ترى كلام الثلاثة يفيد احتمال المعنيين عند النحاة ، وكلام المغني والشمني يفيد أنه ظاهر في نفي كل منهما فانظر مع ذلك جزمه عن النحاة بقوله وبدونهما لنفي المجموع والله أعلم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله حتى تتعدد اليمين ) وفائدة تعددها في الإثبات تعدد الكفارة إذا انتفى البر . ا هـ . سم عبارة الرشيدي لعل مراد المتولي بتعدد اليمين أنه لو تركهما لزمه كفارتان لا أنه إذا فعل أحدهما بر إذ لا وجه له فليراجع ا هـ ( قوله : توقفا فيه إلخ ) والمعتمد الأول من أنه يمين واحد بناء على الصحيح عند النحويين أن العامل في الثاني هو العامل في الأول بتقوية حرف العطف وكلام المتولي مبني على المرجوح عندهم أن العامل في الثاني فعل مقدر . ا هـ . نهاية قال الرشيدي قوله وكلام المتولي مبني على المرجوح إلخ قد يقال لو بنى المتولي كلامه على المرجوح لقال بالتعدد في جانب النفي أيضا مع أنه غير قائل به كما يعلم من إلزام الروضة له به كما مر . ا هـ . ( قوله : من تصرفه ) أي : من فهمه بلا نقل ( قوله : لا يحنث إلا بلبسهما إلخ ) قد يتوقف فيه ويقال ينبغي الحنث ؛ لأن معناه لا ألبس أحدهما وبلبس واحد صدق عليه أنه لبس الأحد . ا هـ . ع ش عبارة سم اعلم أن الذي قرره الرضي وغيره أن العطف بأو بعد النفي لأحد المذكورين أو المذكورات بحسب أصل وضع اللغة ولكل واحد بحسب استعمال اللغة فما رجحاه نظرا فيه إلى الأول إن سلما ما قرره هؤلاء . ا هـ . ( قوله : بمنع إلخ ) متعلق بقوله وردا ( قوله : وما في الآية ) أي : من نفي كل منهما ( قوله : ولو عطف ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله لكن قضيته إلى المتن ، وقوله أو نسي وقوله ومثله إلى المتن .

                                                                                                                              ( فروع ) لو [ ص: 46 ] حلف لا يلبس شيئا فلبس درعا أو خفا أو نعلا أو خاتما أو قلنسوة أو نحوها من سائر ما يلبس حنث لصدق الاسم بذلك وإن حلف لا يلبس ثوبا حنث بقميص ورداء وسراويل وجبة وقباء ونحوها مخيطا كان أو غيره من قطن وكتان وصوف وإبريسم سواء ألبسه بالهيئة المعتادة أم لا بأن ارتدى أو اتزر بالقميص أو تعمم بالسراويل ؛ لتحقق اسم اللبس والثوب لا بالجلود والقلنسوة والحلي لعدم اسم الثوب نعم إن كان من ناحية يعتادون لبس الجلود ثيابا فيشبه كما قال الأذرعي أن يحنث بها ولا يحنث بوضع الثوب على رأسه ولا بافتراشه تحته ولا بتدثره ؛ لأن ذلك لا يسمى لبسا وإن حلف على رداء أنه لا يلبسه ولم يذكر الرداء في يمينه بل قال : لا ألبس هذا الثوب فقطعه قميصا ولبسه حنث ؛ لأن اليمين على لبسه ثوبا فحمل على العموم كما لو حلف لا يلبس قميصا منكرا أو معرفا كهذا القميص فارتدى أو اتزر به بعد فتقه لزوال اسم القميص فلو أعاده على هيئته الأولى فكالدار المعادة بنقضها وقد مر حكمها

                                                                                                                              ولو قال لا ألبس هذا الثوب وكان قميصا أو رداء فجعله نوعا آخر كسراويل حنث بلبسه لتعلق اليمين بعين ذلك الثوب إلا أن ينوي ما دام بتلك الهيئة أو لا ألبس هذا القميص أو الثوب قميصا فارتدى أو اتزر أو تعمم لم يحنث لعدم صدق الاسم بخلاف ما لو قال : لا ألبسه وهو قميص وإن حلف لا يلبس حليا فلبس خاتما أو مخنقة لؤلؤ وهي بكسر الميم وتخفيف النون مأخوذة من الخناق بضم الخاء وتخفيف النون موضع المخنقة من العنق أو تحلى بالحلي المتخذ من الذهب والفضة والجواهر ولو منطقة محلاة وسوارا وخلخالا ودملجا سواء أكان الحالف رجلا أو امرأة حنث ؛ لأن ذلك يسمى حليا ولا يحنث بسيف محلى ؛ لأنه ليس حليا ويحنث بالخرز والسبج بفتح المهملة والموحدة والجيم وهو الخرز الأسود وبالحديد والنحاس إن كان من قوم يعتادون التحلي بهما كأهل السودان وأهل البوادي وإلا فلا كما يؤخذ من كلام الروياني مغني وروض مع شرحه

                                                                                                                              ( قول له بمهلة ) أي : عرفا . ا هـ . ع ش ( قوله : فضلا عن قيده ) وهو التراخي . ا هـ . ع ش أي أو عدمه ( قول المتن أو ليأكلن ذا الطعام إلخ ) أي : وإن كان أكله محرما عليه . ا هـ . ع ش ( قوله : أو نسي ) أي : واستمر نسيانه حتى مضى الغد . ا هـ . سم ( قوله : الآتي ) أي : آنفا ( قوله : حيث لا ضرر ) وينبغي أن المراد ضرر لا يحتمل عادة وإن لم يبح التيمم كما يفهمه قوله : كما علم إلخ أي فإن أضره لم يحنث بترك الأكل لكن لو تعاطى ما حصل به الشبع المفرط في زمن يعلم عادة أنه لا ينهضم الطعام فيه قبل مجيء الغد هل يحنث لتفويته البر باختياره كما لو أتلفه أو لا ؟ فيه نظر والأقرب الأول لما ذكر وينبغي أن يأتي مثل هذا التفصيل فيما لو حلف ليأكلن ذي الرمانة مثلا فوجدها عافنة تعافها الأنفس ويتولد الضرر من تناولها فلا حنث عليه ويكون كما لو أكره على عدم الأكل ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : على ما ذكرته ) أي : من شبع يضر الأكل معه ( قوله لتفويته ) إلى قول المتن يأكل في المغني ( قوله : ومن ثم ألحق قتله لنفسه إلخ ) [ ص: 47 ] لقائل أن يقول لا معنى لإلحاقه به إلا حنثه إذا جاء الغد ومضى وقت التمكن إذ الحنث إنما يكون حينئذ كما سيأتي لكن يرد حينئذ بحث وهو أن يلزم تحنيث الميت وهو غير شائع وكقتله لنفسه قتل غيره له قبل الغد إذا تمكن من دفعه له فلم يدفعه كما في الناشري ونقله عن البلقيني ، وفيه ما علمت في قتله لنفسه ثم رأيت قول الشارح الآتي فلو مات قبل ذلك لم يحنث وهو ينافي قوله ومن ثم ألحق إلخ فتأمله .

                                                                                                                              وفي شرح الروض في الصوم في الكلام على تأخير قضاء رمضان عن الزركشي في مسألتنا عدم الحنث فراجعه ، وأيضا قد يقال قياس ذلك الإلحاق الحنث في مسألة ابن الرفعة الآتية إذا وقع الخلع قبل التمكن من السفر لكنه مشكل إذ الحنث إنما يكون بعذر من التمكن ، فإن حنث بعده لزم الحنث بعد الخلع فإن كان مع نفوذ الخلع لم يمكن إذ لا حنث مع البينونة أو مع بطلانه فكيف يبطل بطلاق بعده وأما الحنث بعد الموت فممكن . ا هـ . سم ( قوله : ؛ لأنه به مفوت لذلك ) وليس منه فيما يظهر ما لو قتل عمدا عدوانا وقتل فيه ولو بتسليمه نفسه لجواز العفو عنه من الورثة ا هـ ع ش ( قوله : دفع آكله ) أي : من الهرة أو الصغير مثلا . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : أرادوا الإكراه إلخ ) عبارة المغني أرادوا به ما إذا حلف باختياره ثم أكره على الحنث أما إلخ ( قوله : كأدائه الدين إلخ ) الكاف فيه للتنظير لا للتمثيل ؛ لأن أداء الدين ليس إتلافا ولكنه تفويت للبر . ا هـ . ع ش ( قوله : في الصورة التي ذكرتها ) أي : من قوله أو ليقضينه حقه إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله : أو بعده إلخ ) هذا بالنظر لقوله كأدائه الدين إلخ يقتضي تصور أداء الدين بعد الغد وقبل التمكن ولا يخفى استحالته . ا هـ . سم ( قوله : ثم الأصح ) إلى المتن في المغني ( قوله : فلو مات قبل ذلك إلخ ) أي : والفرض أنه أتلفه عامدا عالما مختارا قبل الغد كما هو صريح العبارة وحينئذ فعدم الحنث هنا مشكل على قوله السابق ومن ثم ألحق إلخ إذ هو في كل منهما مفوت للبر باختياره فتأمل سم على حج وقد يفرق . ا هـ . رشيدي

                                                                                                                              ( قوله : فعليه إلخ ) أي : على كل هذين الوجهين ( قوله : كما مر ) أي : آنفا قبيل قول المصنف وقبله قولان إلخ ( قوله : بعد تمكنه من الفعل ) أي ولم يسافر وكان وجه هذا التقييد أن الحنث إنما هو بعد مضي زمن التمكن أخذا من قوله السابق ثم الأصح أنه يحنث إلخ فإذا خالع قبل التمكن لم يمكن وقوع الطلاق بعد زمن التمكن لتأخره عن زمن الخلع فهي حينئذ بائن لا يلحقها طلاق ، وهذا التقييد موافق لما تقدم في الطلاق في مسألة ابن الرفعة ، لكن قياس قوله السابق ومن ثم ألحق إلخ خلافه . ا هـ . سم ( قوله : فإنه يقع [ ص: 48 ] عليه الثلاث قبل الخلع ) أي : مرتبين بطلانه . ا هـ . نهاية ( قوله : وأمن ما مر ) أي : في التيمم ( قوله : لذلك ) أي : لحد الغوث أو حد القرب ( قوله : ومنه ) أي : مما مر في الحج ( قوله : وحينئذ ) أي : حين اختلف كلامهم في ضبط التمكن إلخ ( قوله فما هنا ) أي : ما علق فيه الحنث بالتمكن ( قوله : في ذلك من التمكن ) لعل حق المقام في التمكن من ذلك فتأمل . ( قوله اختلافهما ) أي : التمكن والأعذار ( قوله : في ذلك ) أي : الإلحاق ( قوله بخلافه ) أي : وجود أحد أعذار الجمعة إلخ ( قوله لا يكفي ) أي : في التمكن ( قوله : ؛ لأن له بدلا ) أي : بخلاف المحلوف عليه ( قوله : وأن المشي إلخ ) عطف على قوله : أنه حيث خشي إلخ ( قوله : كما في الرد إلخ ) خبر وأن إلخ ( قوله : إلا نحو أكل كريه إلخ ) استثناء من قوله وأن أعذار الجمعة إلخ ( قوله : مما لا أثر إلخ ) بيان للنحو ( قوله : وهنا ) الأولى وما هنا ( قوله : على ما يأتي ) أي : في قوله وحينئذ متى وجد إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية