الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أن امرأة طلقها زوجها أو مات عنها فأرضعت صبيا بعد انقضاء عدتها ، فإنها تثبت حرمة الرضاع بين هذا الصبي وبين زوجها بمنزلة ما لو كان الإرضاع في حال قيام النكاح بينهما ; لأن سبب نزول اللبن لها كان وطء ذلك الزوج فما بقي ذلك اللبن يكون مضافا إلى ذلك السبب فإن تزوجت بعد ذلك ثم أرضعت صبيا فكذلك الجواب ما لم تحبل من الثاني ; لأن التزوج ليس سببا لنزول اللبن لها فوجوده كعدمه فإن حبلت من الثاني ثم أرضعت صبيا فكذلك الجواب عند أبي حنيفة رضي الله عنه أنه تثبت الحرمة بين الصبي والزوج الأول ما لم تلد من الثاني فإن ولدت من الثاني ثم أرضعت فحينئذ يكون حكم الرضاع للثاني ، وعند أبي يوسف رضي الله عنه [ ص: 296 ] إذا ازداد لبنها بسبب الحبل ، فهو وما لو ولدت سواء في أنه تثبت الحرمة من الثاني وينقطع حكم الأول ، وعند محمد رضي الله عنه تثبت الحرمة منهما جميعا استحسانا ; لأن الاحتياط في باب الحرمة واجب ، وقد علمنا أن أصل الابن من الأول وازداد سبب الحبل من الثاني فيجعل بمنزلة ما لو خلط امرأتان اللبن بأن حلبتا لبنهما وأوجرتا صبيا وأبو يوسف رحمه الله يقول : لما حبلت من الثاني ونزل لها اللبن كان هذا ناسخا للسبب الذي كان من الزوج الأول ; لأنه اعترض عليه ما هو مثله أو أقوى منه وأبو حنيفة رحمه الله يقول : نزول اللبن في العادة إنما يكون بعد الولادة فما لم تلد من الثاني لا ينسخ السبب الأول ، وهذا ; لأن كون اللبن من الأول متيقن به وهذه الزيادة يحتمل أن تكون بسبب الحبل من الثاني ويحتمل أن تكون بقوة طبعها واليقين لا يزول بالشك

التالي السابق


الخدمات العلمية