الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) .

                                                                                                                              أخذ بعض السلف من قوله تعالى { حتى عاد كالعرجون القديم } [ ص: 67 ] بناء على تفسيره القديم بما مضى عليه سنة أن من له عبيد اختلف وقت ملكهم ، لو قال : أعتقت القديم منكم لم يعتق إلا من مضى له في ملكه سنة وفي التفسير المأخوذ منه ذلك نظر ظاهر ، إذ لا يعضده لغة ولا عرف ، والظاهر على قواعدنا أن من سمي منهم قديما عرفا عتق فإن لم يطرد بذلك عرف عتق من قبل آخرهم ملكا ؛ لأن الكل يسمون قدماء بالنسبة له ويجري ذلك في التعليق بنحو كلام القديم منهم ، ولو علق بإن خدمتني أو فلانا ، فالذي يظهر أن المدار في الخدمة على العرف لكنهم ذكروا في الاستئجار للخدمة والوصية بها وتعليق العتق عليها ما يمكن مجيئه هنا فيكون بيانا للعرف الذي هو المناط نعم يتردد النظر فيما لو خدم خادمه فيما يتعلق به كأن ناول طابخ طعامه حطبا ؛ لتمام طبخه فهل تسمى مناولته هذه خدمة للحالف لعود النفع إليه أو لا ؛ لأنه يسمى في العرف خادما له بل للطابخ ، أو يفرق بين أن يقصد بذلك خدمة الطابخ فلا حنث أو الحالف فالحنث ، كل من الأولين محتمل دون الثالث ؛ لأن مناط الخدمة التسمية ولا دخل للنية فيها وليست نظيرة لما سبق في الجعالة في معين العامل ؛ لأن استحقاق الجعل يتأثر بنية التبرع فتأثر بنية إعانة المالك أو العامل على أنهم سموا فعله في حال قصده إعانة العامل ردا فهو يؤيد الاحتمال الأول لولا وضوح الفرق بين الرد المتعلق بالعبد الصادق بكل من وضع يده عليه لذلك والخدمة المتعلقة بالحالف المقتضية أنه لا بد من مباشرة الخادم لخدمة الحالف بلا واسطة وبهذا يقرب الاحتمال الثاني والله أعلم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : على تفسيره ) أي البعض لكن المتبادر من قوله الآتي أن التفسير لغير ذلك البعض وعليه فالصواب إسقاط الضمير ( قوله : لأن الكل ) أي : كل من قبل آخرهم ملكا ( قوله : يسمون قدماء ) الأولى الإفراد ( قوله بالنسبة له ) أي : لآخرهم ملكا ( قوله : في التعليق إلخ ) أي : كإن كلمت أو ضربت القديم من عبيدي فأنت طالق ( قوله : بإن خدمتني ) بكسر الهمزة وتحريك التاء متعلق بعلق وقوله أو فلانا عطف على ياء المتكلم وقوله فالذي يظهر إلخ جواب ولو ( قوله : لو خدم ) أي : المخاطب خادمه أي الحالف أو الفلان للحالف أي : أو الفلان ( قوله : بين أن يقصد ) أي : المخاطب بذلك أي : المناولة

                                                                                                                              ( قوله دون الثالث ) أي : الفرق ( قوله : وليست ) أي المناولة ( قوله : في معين العامل ) من الإعانة ( قوله : فهو يؤيد ) أي العلوي ( قوله : لذلك ) أي لأجل العامل ( قوله وبهذا ) أي : وضوح الفرق المذكور ( قوله : يقرب الاحتمال الثاني ) وقد يرجحه أيضا ما مر من أن المدار في الأيمان غالبا عند الإطلاق على ما يصدق عليه اللفظ ومن أن اليمين محمولة على ما يتبادر منها وفي المغني والروض مع شرحه خاتمة فيها مسائل منثورة مهمة متعلقة بالباب لو حلف لا يخرج فلان إلا بإذنه أو حتى يأذن فخرج بلا إذن منه حنث أو بإذن فلا ولو لم يعلم إذنه لحصول الإذن وانحلت اليمين في حالتي الحنث وعدمه حتى لو خرج بعد ذلك لم يحنث ، ولو كان الحلف بطلاق فخرجت وادعى الإذن لها وأنكرت فالقول قولها بيمينها وتنحل اليمين بخرجة واحدة ؛ لأن لهذا اليمين جهة بر وهي الخروج بإذن وجهة حنث وهي الخروج بلا إذن ؛ لأن الاستثناء يقتضي النفي والإثبات جميعا وإذا كان لها جهتان ووجدت إحداهما انحلت اليمين بدليل ما لو حلف لا يدخل اليوم الدار وليأكلن هذا الرغيف فإنه إن لم يدخل الدار في اليوم بر وإن ترك أكل الرغيف ، وإن أكله بر وإن دخل الدار وليس كما لو قال إن خرجت لابسة حرير فأنت طالق فخرجت غير لابسة له لا تنحل حتى يحنث بالخروج ثانيا لابسة له ؛ لأن اليمين لم تشتمل على جهتين وإنما علق الطلاق بخروج مقيد فإذا وجد وقع الطلاق فإن كان التعليق بلفظ كلما أو كل وقت لم تنحل بخرجة واحدة ، وطريق عدم تكرر وقوع الطلاق أن يقول أذنت لك في الخروج كلما أردت ولو قال لا أخرج حتى أستأذنك فاستأذنه فلم يأذن فخرج حنث لأن الاستئذان لا يعنى لعينه بل للإذن ولم يحصل نعم إن قصد الإعلام لم يحنث أو حلف لا يلبس ثوبا أنعم به عليه فلان فباعه ثوبا وأبرأه من ثمنه أو حاباه فيه لم يحنث بلبسه

                                                                                                                              وإن وهبه أو أوصى له به حنث بلبسه إلا أن يبدله قبل لبسه بغيره ثم يلبس الغير فلا يحنث وإن عدد عليه النعم غيره فحلف لا يشرب له ماء من عطش فشرب ماء بلا عطش أو أكل له طعاما أو لبس له ثوبا لم يحنث ؛ لأن اللفظ لا يحتمله أو حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلانة فلبس ثوبا سداه من غزلها ولحمته من غيره لم يحنث وإن قال لا ألبس من غزلها حنث به لا بثوب خيط بخيط من غزلها ؛ لأن الخيط لا يوصف بأنه ملبوس وإن قال لا ألبس مما غزلته لم يحنث بما غزلته بعد اليمين أو لا ألبس مما تغزله لم يحنث بما غزلته قبل اليمين أو قال لا ألبس من غزلها حنث بما غزلته وبما تغزله لصلاحية اللفظ لهما ا هـ مع شرحه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية