الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( هو ضربان نذر لجاج ) بفتح اللام وهو التمادي في الخصومة ويسمى نذر ويمين اللجاج والغضب والغلق بفتح المعجمة واللام وهو أن يمنع نفسه أو غيرها من شيء أو يحث عليه أو يحقق خبرا غضبا بالتزام قربة ( كإن كلمته ) أو إن لم أكلمه أو إن لم يكن الأمر كما قلته ( فلله علي ) أو فعلي ( عتق أو صوم ) أو عتق وصوم وحج ( وفيه ) عند وجود المعلق عليه ( كفارة يمين ) لخبر مسلم { : كفارة النذر كفارة يمين } ولا كفارة في نذر التبرر قطعا فتعين حمله على نذر اللجاج ولقول كثيرين من الصحابة رضي الله عنهم به ولا مخالف له ومن ثم أطال البلقيني في الانتصار له ( وفي قول ما التزم ) لخبر { من نذر وسمى فعليه ما سمى } ( وفي قول : أيهما شاء ) ؛ لأنه يشبه النذر من حيث إنه التزم قربة واليمين من حيث إن مقصوده مقصود اليمين ولا سبيل للجمع بين موجبيهما ولا لتعطيلهما فوجب التخيير ( قلت : الثالث أظهر ورجحه العراقيون والله أعلم ) لما قلنا ، أما إذا التزم غير قربة كلا آكل الخبز فيلزمه كفارة يمين بلا نزاع ومنه ما يعتاد على ألسنة الناس العتق يلزمني أو يلزمني عتق عبدي فلان [ ص: 70 ] أو والعتق لا أفعل أو لأفعلن كذا فإن لم ينو التعليق فلغو وإن نواه تخير كما نص عليه في بعض ذلك ثم إن اختار العتق وعتق المعين أجزأه مطلقا أو الكفارة وأراد عتقه عنها اعتبر فيه صفة الإجزاء ، ولو قال إن فعلت كذا فعبدي حر ففعله عتق قطعا كما في المجموع خلافا لما وقع للزركشي ؛ لأن هذا محض تعليق ليس فيه التزام بنحو علي وقوله العتق أو عتق قني فلان يلزمني أو والعتق ما فعلت كذا لغو ؛ لأنه لا تعليق فيه ولا التزام ، والعتق لا يحلف به إلا على أحد ذينك وهما هنا غير متصورين .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 70 ] . ( قوله : وإن نواه تخير ) كتب على تخير م ر ( قوله : وعتق المعين إلخ ) هذا صريح في أنه في المعين لا يلزم عتقه بل له العدول عنه إلى الكفارة . ( قوله : لغو ) يتأمل فإنه لا فرق بين هذا التصوير وما سبق إلا بما فعلت هنا وبلا أفعل أو لأفلعن هناك فلم أطلق هنا أنه لغو وفصل هناك ( قوله : وهما هنا غير متصورين ) هلا تصور التعليق بأن يجعل المعنى إن كنت فعلت كذا فعلي العتق أو عتق قني فلان كما في : علي الطلاق ما أفعل كذا فإنه تعليق



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بفتح اللام ) إلى قوله كما نص في المغني إلا قوله ولا مخالف لهم إلى المتن وقوله أو والعتق إلى فإن لم ينو وإلى قول المتن ونذر تبرر في النهاية إلا قوله ولقول كثيرين إلى المتن وقوله كما نص عليه في بعض ذلك وقوله إذ تعين الكفارة إلى ويؤيد ( قوله وهو التمادي إلخ ) سمي بذلك لوقوعه حال الغضب ا هـ مغني ( قوله : أو يحقق خبرا إلخ ) كذا في النهاية قال الرشيدي قوله : أو يحقق خبرا إلخ انظره مع قوله الآتي وقوله العتق أو عتق قني فلان يلزمني أو والعتق ما فعلت كذا لغو ولم أر قوله أو يحقق خبرا في كلام غيره إلا في التحفة وشرح المنهج وعبارة الروض كالروضة هو أن يمنع نفسه من شيء أو يحملها عليه بتعليق التزام قربة وكذا عبارة الأذرعي . ا هـ . ( قوله غضبا إلخ ) تنازع فيه الأفعال الثلاثة عبارة البجيرمي عن الزيادي والبرماوي والحلبي قوله غضبا راجع للجميع أي شأنه ذلك فليس قيدا وإنما قيد به لأنه الغالب . ا هـ . ( قوله : أو عتق وصوم إلخ ) عبارة المغني وتعبيره بأو ليس بقيد بل لو عطف بالواو فقال إن كلمته فلله علي صوم وعتق وحج وأوجبنا الكفارة فواحدة على المذهب أو الوفاء بما التزمه لزمه الكل . ا هـ . ( قوله : به ) أي : لزوم الكفارة ( قول المتن وفي قول : أيهما شاء ) هل يتعين عليه أحدهما باختياره ؟ الظاهر لا يتعين . ا هـ . سيد عمر وجزم بذلك المغني ناقلا له نقل المذهب عبارته فيختار واحدا منهما من غير توقف على قوله اخترت حتى لو اختار معينا منهما لم يتعين وله العدول إلى غيره . ا هـ . ( قوله : مقصود اليمين ) من المنع أو الحث أو تحقيق الخبر ( قوله : أما إذا ما التزم إلخ ) عبارة المغني ( تنبيه )

                                                                                                                              قضية قول المصنف فلله علي عتق أو صوم ، أن نذر اللجاج لا بد فيه من التزام قربة وبه صرح في المحرر لكن الصحيح في أصل الروضة فيما لو قال إن دخلت الدار فلله علي أن آكل الخبز من صور اللجاج وأنه يلزمه كفارة يمين لكن هنا إنما يلزمه كفارة يمين فقط ؛ لأنه إنما يشبه اليمين لا النذر ؛ لأن المعلق غير قربة . ا هـ . ولا يخفى أن هذا مناف لقول الشارح المار ومن ثم اختص بالقرب ( قوله : ومنه ) أي نذر اللجاج ع ش ورشيدي [ ص: 70 ] قوله : أو والعتق إلخ ) إن قرئ بالضم مبتدأ حذف خبره كلازم لي فواضح وإن قرئ بالجر خالف ما جزم به المغني فليحرر . ا هـ . سيد عمر أقول صنيع الشارح والنهاية صريح في الجر ومخالفة ما جزم به المغني

                                                                                                                              ( قوله : لا أفعل إلخ ) راجع لجميع ما تقدم ( قوله فإن لم ينو التعليق ) أي تعليق الالتزام . ا هـ . ع ش ( قوله : فإن لم ينو التعليق إلخ ) يشمل الإطلاق ولعل وجهه أنها لما لم تكن صريحة في التعليق لم تحمل عليه إلا عند إرادته نعم يظهر أن نحو إن فعلت كذا يلزمني إلخ يلحق فيها الإطلاق بقصد التعليق لصراحتها فيه ا هـ سيد عمر ( قوله : أو عتق المعين إلخ ) هذا صريح في أن المعين لا يلزمه عتقه بل له العدول عنه إلى الكفارة ا هـ سم ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان يجزئ في الكفارة أم لا . ا هـ . ع ش ( قوله : وأراد عتقه ) أي المعين ( قوله : ولو قال ) إلى قوله كما في المجموع في المغني

                                                                                                                              ( قوله : لغو ) يتأمل فإنه لا فرق بين هذا التصوير وما سبق إلا بما فعلت هنا وبلا أفعل أو لأفعلن هناك فلم أطلق هنا أنه لغو وفصل هناك . ا هـ . سم عبارة ع ش قوله : لغو أي حيث لا صيغة تعليق فيلغو وإن نوى التعليق بخلاف ما تقدم في قوله ومنه ما يعتاد إلخ فإن صورته أن يقول إن كلمتك مثلا فالعتق يلزمني ثم رأيت سم ذكر الاستشكال فقط ا هـ أقول قوله : فإن صورته إلخ لا يظهر في قول الشارح كالنهاية أو والعتق إلخ بل صنيع المغني صريح في عدم اشتراط صيغة التعليق عبارته والعتق لا يحلف به إلا على وجه التعليق والالتزام كقوله إن فعلت كذا فعلي عتق فتجب الكفارة ويختار بينها وبين ما التزمه فلو قال العتق يلزمني لا أفعل كذا ولم ينو التعليق لم يكن يمينا فلو قال إن فعلت فعبدي حر ففعله عتق العبد قطعا أو قال والعتق أو والطلاق بالجر لا أفعل كذا لم ينعقد يمينه . ا هـ .

                                                                                                                              وحاصلها كما ترى أن الصيغة الأولى صريحة في اليمين فتنعقد مطلقا والثانية محتملة لها احتمالا ظاهرا فتنعقد بالنية بخلاف الأخيرة فإنها لا تحتملها كذلك فلا تنعقد مطلقا والله أعلم وعبارة السيد عمر قوله لغو إلخ ظاهره وإن قصد التعليق وهو محل تأمل لا يقال وجهه حينئذ أنه تعليق بماض وهو لا يقبل التعليق لأنا نقول معناه إن تبين أني ما فعلت كذا وهو مستقبل وقد صرحوا بذلك في صور متعددة وممن حقق ذلك الولي العراقي في فتاويه في الخلع . ا هـ . وقد يقال إن هذا التأويل لمجرد صيانة القاعدة النحوية من استقبال الجزاء وإلا فاللفظ لا يحتمله ظاهرا وكذا يجاب عما يأتي عن سم و ع ش ثم رأيت قال الرشيدي قوله : لا تعليق فيه ولا التزام كأنه ؛ لأن كلا منهما إنما يكون في المستقبلات حقيقة ولا ينافي هذا تصويرهم التعليق بالماضي في الطلاق ؛ لأنه تعليق لفظي ا هـ ولله الحمد .

                                                                                                                              ( قوله والعتق إلخ ) ومثله الطلاق كما مر في الأيمان ( قوله : إلا على أحد ذينك ) أي التعليق والالتزام ع ش ومغني والأول كإن فعلت كذا فعلي عتق والثاني كإن فعلت كذا فعبدي حر بجيرمي ( قوله وهما هنا غير متصورين ) هلا تصور التعليق بأن يجعل المعنى إن كنت فعلت كذا فعلي العتق أو عتق قني فلان كما في علي الطلاق ما أفعل كذا فإنه تعليق سم و ع ش وقد مر ما فيه ثم قوله : كما في علي الطلاق إلخ في هذا القياس نظر ظاهر




                                                                                                                              الخدمات العلمية