الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان ، ثنا محمد بن مخلد ، ثنا صالح بن محمد الرازي : بلغنا ، عن ابن أبي ليلى : " أنه لما ولي القضاء ركب أول يوم للقضاء ، فاصطف له الناس ؛ لينظروا إليه قال : فقال مجنون من مجانين أهل الكوفة : انظروا إلى من جمع الله له سرور الدنيا بخزي الآخرة . فقال ابن أبي ليلى : " لو قد سمعتها قبل أن ألي ما وليت لهم شيئا " .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : ثنا أحمد بن منيع ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : " أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنهم " .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا يزيد بن مهران ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، قال : رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى محلوقا على المصطبة ، وهم يقولون له : العن الكذابين . وكان رجلا ضخما به ربو ، فقال : " اللهم العن الكذابين ، آه - ثم يسكت - علي ، وعبد الله بن الزبير ، والمختار " .

              [ ص: 325 ] حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا سعيد بن بحر القراطيسي ، ثنا حسين الجعفي ، عن مجمع بن يحيى الأنصاري ، قال : دخل عبد الرحمن بن أبي ليلى على الحجاج ، فقال : " إذا أردتم رجلا يشتم عثمان بن عفان فها هو ذا . قال : فقلت له : إنه يمنعني من ذلك آيات في كتاب الله ثلاثة ؛ قال الله عز وجل : (? للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ) فكان عثمان منهم ، (? والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ) إلى قوله (? المفلحون ) فكان منهم ، وقال عز وجل : (? والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) فكان منهم . فقال : " صدقت " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة ، ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : (? سلام هي حتى مطلع الفجر ) . قال : " لا تعمل فيها الشياطين ، ولا يجوز فيها سحر ، ولا يحدث فيها شيء (? سلام هي حتى مطلع الفجر ???.?.

              حدثنا أبي وأبو محمد بن حيان قالا : ثنا إبراهيم محمد بن الحسن ، ثنا أبو كريب ، ثنا عثام بن علي ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن ابن أبي ليلى ، في قوله تعالى : (? وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) قال : "ما على أحدكم إذا ملى أن يقول : اكتب رحمك الله ، فيملي خيرا " .

              أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه ، ثنا موسى بن إسحاق ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا شريك ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : " كان رجل من بني إسرائيل يعمل بمسحاة له ، فأصاب أباه فشجه ، فقال : لا تصحبني من فعل بأبي ما فعل ، فقطع يده . فبلغ ذلك بني إسرائيل ، ثم إن ابنة الملك أرادت أن تصلي في بيت المقدس ، فقال : من يبعث بها ؟ قالوا : فلان . قال : فبعث إليه ، فقال : أعفني ، فقال : لا . قال : فأجلني إذا أياما . قال : فذهب فقطع [ ص: 353 ] مذاكيره ، فلما برأ وضع مذاكيره في حق ثم جاء به وخاتمه عليه ، فقال : هذه وديعتي عندك فاحفظها . قال : ونزله الملك منزلا منزلا ، انزل يوم كذا كذا ، ويوم كذا كذا وكذا ، فإذا أتيت بيت المقدس فأقم فيه كذا وكذا ، فإذا أقبلت فانزل يوم كذا كذا وكذا ، ويوم كذا كذا وكذا ، فوقت له وقتا معلوما ، فلما سار جعلت ابنة الملك لا ترتفع به ، تنزل حيث شاءت ، وترتحل متى شاءت ، وجعل إنما هو يحرسها وينام عندها ، فلما قدم عليه قالوا له : إنما كان ينام عندها ، فقال له الملك : خالفت أمري ؟ وأراد قتله ، فقال : اردد علي وديعتي ، فلما ردها فتح الحق وكشف عن مثل الراحة ، ففشى ذلك في بني إسرائيل ، قال : فمات قاض لهم فقالوا : من نجعل مكانه ؟ قالوا : فلان ، قال : فأبى ، فلم يزالوا به حتى قال : دعوني حتى أنظر في أمري . قال : فكحل عينيه بشيء حتى ذهب بصره ، قال : ثم جلس على القضاء ، قال : فقام ليلة فدعا الله فقال : اللهم إن كان هذا الذي صنعت لك رضى ، فاردد علي خلقي أحسن ما كان . قال : فأصبح وقد رد الله عليه بصره ومقلتيه أحسن ما كانتا ، ويده ومذاكيره " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية