الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولا تصل على أحد منهم . الآية . [ ص: 477 ] أخرج البخاري ، ومسلم ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في "الدلائل" عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول أتى ابنه عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه، فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر بن الخطاب فأخذ ثوبه فقال : يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ فقال : إن ربي خيرني وقال : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم وسأزيد على السبعين . فقال : إنه منافق . فصلى عليه، فأنزل الله تعالى : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فترك الصلاة عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي في "الدلائل" عن ابن عباس ، أن عبد الله بن عبد الله بن أبي قال له أبوه : أي بني، اطلب لي ثوبا من ثياب النبي فكفني فيه، ومره فليصل علي . قال فأتاه فقال : يا رسول الله قد عرفت شرف عبد الله، وهو يطلب إليك ثوبا من ثيابك نكفنه فيه وتصلي عليه . فقال عمر : يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ فقال : [ ص: 478 ] وأين؟ فقال : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم قال : فإني سأزيد على سبعين . فأنزل الله عز وجل : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره الآية، قال : فأرسل إلى عمر فأخبره بذلك، وأنزل الله : سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : لما مرض عبد الله بن أبي ابن سلول مرضه الذي مات فيه عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مات صلى عليه وقام على قبره، قال : فوالله إن مكثنا إلا ليالي حتى نزلت : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه والبزار، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن جابر قال : مات رأس المنافقين بالمدينة فأوصى أن يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكفنه في قميصه، فجاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي أوصى أن يكفن في قميصك . فصلى عليه وألبسه قميصه، وقام على قبره، فأنزل الله : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي، فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه فقال : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 479 ] وأخرج أبو الشيخ ، عن قتادة قال : وقف نبي الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي فدعاه، فأغلظ له، وتناول لحية النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو أيوب : كف يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله لئن أذن لأضعن فيك السلاح . وأنه مرض فأرسل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يدعوه، فدعا بقميصه، فقال عمر : والله ما هو بأهل أن تأتيه . قال : بلى . فأتاه فقال : أهلكتك موادتك اليهود . قال : إنما دعوتك لتستغفر لي، ولم أدعك لتؤنبني . قال : أعطني قميصك لأكفن فيه . فأعطاه ونفث في جلده، ونزل في قبره، فأنزل الله : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا الآية قال : فذكروا القميص . قال : وما يغني عنه قميصي، والله إني لأرجو أن يسلم به أكثر من ألف من بني الخزرج . فأنزل الله : ولا تعجبك أموالهم وأولادهم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية