الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          باب جزاء الصيد تفصيلا وهو ( ما يستحق بدله ) أي الصيد على متلفه بفعل أو سبب ( من مثله ) أي الصيد ( ومقاربه وشبهه ) ولو أدنى مشابهة على ما يأتي ، ومن قيمة ما لا مثل له ( ويجتمع ) على متلف صيد ( ضمان ) قيمته لمالك ( وجزاء ) لمساكين الحرم ( في ) صيد ( مملوك ) لأنه حيوان مضمون بالكفارة فجاز اجتماعهما فيه كالعبد ( وهو ) أي الصيد ( ضربان ما ) أي ضرب ( له مثل ) أي شبيه ( من النعم ) خلقة لا قيمة ( فيجب فيه ) ذلك المثل ( نصا ) لقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم } وجعل صلى الله عليه وسلم في الضبع كبشا

                                                                          ( وهو ) أي الصيد الذي له مثل من النعم ( نوعان أحدهما : ما قضت فيه الصحابة ) فيجب فيه ما قضت به نصا لأنهم أعرف ، وقولهم أقرب للصواب .

                                                                          وفي الخبر { اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر } وفيه { أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم } وقوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم } لا يقتضي تكرار الحكم كقوله : لا تضرب زيدا ومن ضربه فعليه دينار ، لا يتكرر الدينار بضرب واحد ( ومنه ) أي ما قضت فيه الصحابة ( في النعامة بدنة ) [ ص: 561 ] روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن عباس ومعاوية لأنها تشبهها ( وفي حمار الوحش ) بقرة روي عن عمر .

                                                                          ( و ) في ( بقره ) أي الوحش بقرة روي عن ابن مسعود ( و ) في ( أيل ) بوزن قنب وخلب وسيد وهو ذكر الأوعال قاله في الإنصاف : بقرة لقول ابن عباس ( و ) في ( ثيتل ) بوزن جعفر ،

                                                                          قال الجوهري : الوعل المس بقرة ( و ) في ( وعل ) بفتح الواو مع العين وكسرها وسكونها تيس الجبل قاله في القاموس .

                                                                          وفي الصحاح : هو الأروى ( بقرة ) يروى عن ابن عمر في الأروى : بقرة ( وفي الضبع كبش ) قال الإمام : حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش انتهى . وقضى به عمر وابن عباس ( وفي غزال شاة روي عن علي وابن عمر وروى جابر مرفوعا { في الظبي شاة } قاله في شرحه .

                                                                          وفي المبدع : قضى به عمر وابن عباس وروي عن علي ( وفي وبر ) بسكون الباء : جدي وهو دويبة كحلاء دون السنور لا ذنب لها ( و ) في ( ضب : جدي ) قضى به عمر وأربد ، والوبر كالضب والجدي الذكر من أولاد المعز له ستة أشهر

                                                                          ( وفي يربوع : جفرة لها أربعة أشهر ) روي عن عمر وابن مسعود وجابر ( وفي أرنب عناق ) أي أنثى من أولاد المعز أصغر من الجفرة يروى عن عمر أنه قضى بذلك ( وفي حمام ) أي كل واحد منه ( وهو ) أي الحمام ( كل ما عب الماء ) أي ما وقع منقاره فيه وكرع كما تكرع الشاة ولا يأخذ قطرة قطرة كالدجاج والعصافير ( وهدر ) أي صوت فدخل فيه فواخت ووراشين وقطا وقمري ودبسي : طائر لونه بين السواد والحمرة يقرقر ، ونحوها ( شاة ) نصا قضى به عمر وعثمان وابن عمر وابن عباس ونافع بن عبد الحارث في حمام الحرم وقيس عليه حمام الإحرام .

                                                                          وروي عن ابن عباس أنه قضى به في حمام الإحرام ( النوع الثاني : ما لم تقض فيه الصحابة ) رضي الله عنهم وله مثل من النعم ( ويرجع فيه إلى قول عدلين ) لقوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم } ( خبيرين ) ليحصل المقصود بهما فيحكمان فيه بأشبه الأشياء به من حيث الخلقة لا القيمة كقضاء الصحابة ولا يشترط كونهما أو أحدهما فقيها لظاهر الآية

                                                                          ( ويجوز كون القاتل ) لصيد محكوم فيه بمثل ( أحدهما ) أي العدلين ( أو هما ) فيحكمان على أنفسهما بالمثل لعموم الآية ولقول عمر " احكم يا أربد فيه " أي الضب الذي وطئه أربد فغرز ظهره رواه [ ص: 562 ] الشافعي في مسنده .

                                                                          قال أبو الوفاء علي بن عقيل ) إنما يحكم القاتل للصيد إذا قتله ( خطأ أو ) قتله ( لحاجة ) أكله ( أو ) قتله ( جاهلا تحريمه ) لعدم إثمه إذن قال ( المنقح : وهو ) أي ما ذكره ابن عقيل ( قوي ولعله ) أي قول ابن عقيل ( مرادهم ) أي الأصحاب ( لأن قتل العمد ينافي العدالة ) إن لم يتب وهي شرط الحكم

                                                                          ( ويضمن صغير ) بمثله ( وكبير ) بمثله ( وصحيح ) بمثله ( ومعيب بمثله ( وماخض ) أي حامل من صيد ( بمثله ) من النعم لقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم } ومثل الصغير صغير ومثل المعيب معيب ولأن ما ضمن باليد والجناية يختلف ضمانه بالصغر والعيب وغيرهما كالبهيمة وقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم } مقيد بالمثل وقد أجمع الصحابة على إيجاب ما لا يصلح هديا ، كالجفرة والعناق والجدي وإن فدي الصغير أو المعيب بكبير صحيح كان أفضل ( ويجوز فداء ) صيد ( أعور من عين ) يمنى أو يسرى .

                                                                          ( و ) فداء صيد ( أعرج من قائمة ) يمنى أو يسرى ( ب ) مثله من النعم ( أعور ) عن الأعور من أخرى ، كفداء أعور يمين بأعور يسار وعكسه .

                                                                          ( و ) أعرج من قائمة بمثله ( أعرج من ) قائمة ( أخرى ) كأعرج يمين بأعرج يسار وعكسه لأن الاختلاف يسير ، ونوع العيب واحد والمختلف محله

                                                                          ( و ) يجوز فداء ( ذكر بأنثى ) بل هو أفضل من فدائه بذكر ، كما في الإقناع لأن لحمها أطيب وأرطب .

                                                                          ( و ) يجوز ( عكسه ) أي فداء أنثى بذكر لأن لحمه أوفر و ( لا ) يجوز فداء ( أعور بأعرج ونحو ذلك ) مما اختلف نوع عيبه لعدم المماثلة ( الضرب الثاني ) من الصيد ( ما لا مثل له ) من النعم ( وهو باقي الطير ، و ) يجب ( فيه ولو أكبر من الحمام ) كإوز ( قيمته مكانه ) أي الإتلاف ، كإتلاف مال آدمي

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية