الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد تنازع السلف والخلف في ربا الفضل ، فطائفة من السلف أباحته ولم تحرم منه شيئا ، وهذا مشهور عن ابن عباس ، وهو مروي عن ابن مسعود ومعاوية ، بل قد روي عنه أنه باع المصوغ إلى أجل ، وبسبب ذلك فارقه عبادة بن الصامت ، وذهب إلى عمر رضي الله عنه شاكيا منه .

ويروي عبادة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الأصناف الستة ، وقد قيل : كانوا في غزوة قبرص ، وليس كذلك ، فإن قبرص إنما غزاها معاوية في خلافة عثمان باتفاق الناس ، وكانوا قد استأذنوا عمر فيها ، فنهى لأجل ركوب البحر ، ثم استأذنوا عثمان فأذن لهم . وفيها توفيت أم حرام بنت ملحان ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الغزاة ، وبها احتجوا على جواز الغزو في البحر ، مع ذكره غزو البحر في حديث .

لكن شكوى عبادة إلى عمر قد كان قبل ذلك في بعض المغازي ، [ ص: 284 ] فإن معاوية فتح قيسارية ، وكانت مدينة بالساحل عظيمة ، ولعل النزاع كان فيها ، وقد غنم المسلمون آنية من ذهب وفضة ، فصار في الخمس منها ما صار ، فباعهم معاوية ذلك إلى العطاء . فصار بيع الإناء الذي وزنه عشرون درهما بثلاثين درهما لأجل صيغته ، والناس رغبوا في ذلك ؛ لأنه إلى العطاء مؤخر عنهم ، ويأخذون ذلك الساعة وينتفعون بها ، فأنكر ذلك عبادة ، وتقاول هو ومعاوية في ذلك ، والقصة مشهورة .

ولما أنكر أبو سعيد الخدري وغيره من الصحابة ذلك على ابن عباس ، روى أبو سعيد حديث خيبر لما قال له وكيله : إنما نبتاع الصاع من التمر الجنيب وهو جيد التمر ، بالصاعين من الجمع وهو المخلوط ، فقال : «إنه عين الربا ، ولكن بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا » ، وقال في الميزان مثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية