الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ) : قال مجاهد : أي يقضيه وحده . والتدبير تنزيل الأمور في مراتبها والنظر في أدبارها وعواقبها ، والأمر قيل : الخلق كله علويه وسفليه . وقيل : يبعث بالأمر ملائكة ، فجبريل للوحي ، وميكائيل للقطر ، وعزرائيل للقبض ، وإسرافيل للصور . وهذه الجملة بيان لعظيم شأنه وملكه . ولما ذكر الإيجاد ذكر ما يكون فيه من الأمور ، وأنه المنفرد به إيجادا وتدبيرا ، لا يشركه أحد في ذلك ، وأنه لا يجترئ أحد على الشفاعة عنده إلا بإذنه ، إذ هو - تعالى - أعلم بموضع الحكمة والصواب . وفي هذه دليل على عظم عزته وكبريائه كما قال : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا ) الآية . ولما كان الخطاب عاما وكان الكفار يقولون عن أصنامهم : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ; رد ذلك تعالى عليهم ، وناسب ذكر الشفاعة التي تكون في القيامة بعد ذكر المبدأ ليجمع بين الطرفين : الابتداء [ ص: 124 ] والانتهاء . وقال أبو مسلم الأصبهاني : الشفيع هنا من الشفع الذي يخالف الوتر ، فمعنى الآية : أنه أوجد العالم وحده لا شريك يعينه ، ولم يحدث شيء في الوجود إلا من بعد أن قال له : كن . وقال أبو البقاء : ( يدبر الأمر ) يجوز أن يكون مستأنفا وخبرا ثانيا وحالا .

( ذلكم الله ربكم فاعبدوه ) : أي المتصف بالإيجاد والتدبير والكبرياء ، هو ربكم الناظر في مصالحكم ، فهو المستحق للعبادة ، إذ لا يصلح لأن يعبد إلا هو تعالى ، فلا تشركوا به بعض خلقه .

( أفلا تذكرون ) : حض على التدبير والتفكر في الدلائل الدالة على ربوبيته وإمحاض العبادة له .

التالي السابق


الخدمات العلمية