الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5568 حدثني عمرو بن علي حدثنا معاذ بن هانئ حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أو عن رجل عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم القدمين حسن الوجه لم أر بعده مثله وقال هشام عن معمر عن قتادة عن أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم شثن القدمين والكفين وقال أبو هلال حدثنا قتادة عن أنس أو جابر بن عبد الله كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم الكفين والقدمين لم أر بعده شبها له

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال هشام ) هو ابن يوسف ( عن معمر عن قتادة عن أنس كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شثن الكفين والقدمين ) هذا التعليق وصله الإسماعيلي من طريق علي بن بحر عن هشام بن يوسف به سواء ، وكذا أخرجه يعقوب بن سفيان عن مهدي بن أبي مهدي عن هشام بن يوسف ، وقوله " شثن " بفتح المعجمة وسكون المثلثة وبكسرها بعدها نون أي غليظ الأصابع والراحة ، قال ابن بطال : كانت كفه - صلى الله عليه وسلم - ممتلئة لحما ، غير أنها مع ضخامتها كانت لينة كما تقدم في حديث أنس يعني الذي مضى في المناقب " ما مسست حريرا ألين من كفه - صلى الله عليه وسلم - " قال : وأما قول الأصمعي الشثن غلظ الكف مع خشونتها فلم يوافق على تفسيره بالخشونة ، والذي فسره به الخليل وأبو عبيدة أولى ، ويؤيده قوله في الرواية الأخرى " ضخم الكفين والقدمين " قال ابن بطال : [ ص: 372 ] وعلى تقدير تسليم ما فسر الأصمعي به الشثن يحتمل أن يكون أنس وصف حالتي كف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فكان إذا عمل بكفه في الجهاد أو في مهنة أهله صار كفه خشنا للعارض المذكور ، وإذا ترك ذلك رجع كفه إلى أصل جبلته من النعومة والله أعلم . وقال عياض : فسر أبو عبيد الشثن بالغلظ مع القصر ، وتعقب بأنه ثبت في وصفه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان سابل الأطراف . قلت : ويؤيده قوله في رواية أبي النعمان في الباب " كان بسط الكفين " ووقع هنا في رواية الكشميهني " سبط الكفين " بتقديم المهملة على الموحدة ، وهو موافق لوصفها باللين . قال عياض : وفي رواية المروزي " سبط أو بسط " بالشك والتحقيق في الشثن أنه الغلظ من غير قيد قصر ولا خشونة ، وقد نقل ابن خالويه أن الأصمعي لما فسر الشثن بما مضى قيل له إنه ورد في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فآلى على نفسه أنه لا يفسر شيئا في الحديث ا ه - ومجيء شثن الكفين بدل سبط الكفين أو بسط الكفين قال دال على أن المراد وصف الخلقة وأما من فسره ببسط العطاء فإنه وإن كان الواقع كذلك لكن ليس مرادا هنا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال أبو هلال أنبأنا قتادة عن أنس أو جابر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ضخم الكفين والقدمين لم أر بعده شبيها له ) هذا التعليق وصله البيهقي في " الدلائل " ووقع لنا بعلو في " فوائد العيسوي " كلاهما من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي حدثنا أبو هلال به ، وأبو هلال اسمه محمد بن سليم الراسبي بكسر المهملة والموحدة بصري صدوق وقد ضعفه من قبل حفظه فلا تأثير لشكه أيضا ، وقد بينت إحدى روايات جرير بن حازم صحة الحديث بتصريح قتادة بسماعه له من أنس ، وكأن المصنف أراد بسياق هذه الطرق بيان الاختلاف فيه على قتادة وأنه لا تأثير له ولا يقدح في صحة الحديث ، وخفي مراده على بعض الناس فقال : هذه الروايات الواردة في صفة الكفين والقدمين لا تعلق لها بالترجمة ، وجوابه أنها كلها حديث واحد اختلفت رواته بالزيادة فيه والنقص ، والمراد منه بالأصالة صفة الشعر وما عدا ذلك فهو تبع والله أعلم . وما دل عليه الحديث من كون شعره - صلى الله عليه وسلم - كان إلى قرب منكبيه كان غالب أحواله ، وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة ويتخذ منه عقائص وضفائر كما أخرج أبو داود والترمذي بسند حسن من حديث أم هانئ قالت : " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وله أربع غدائر " وفي لفظ " أربع ضفائر " وفي رواية ابن ماجه " أربع غدائر يعني ضفائر " والغدائر بالغين المعجمة جمع غديرة بوزن عظيمة ، والضفائر بوزنه . فالغدائر هي الذوائب والضفائر هي العقائص ، فحاصل الخبر أن شعره طال حتى صار ذوائب فضفره أربع عقائص ، وهذا محمول على الحال التي يبعد عهده بتعهده شعره فيها وهي حالة الشغل بالسفر ونحوه والله أعلم . وقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه من رواية عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولي شعر طويل فقال : ذناب ذباب ، فرجعت فجززته ، ثم أتيت من الغد فقال : إني لم أعنك وهذا أحسن .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الخامس والسادس حديث أبو هريرة وعن جابر ذكرا تبعا لحديث أنس كما تقدم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية