الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 111 ]

321 - وأعرضوا في هذه الدهور عن اجتماع هذه الأمور      322 - لعسرها بل يكتفى بالعاقل
المسلم البالغ غير الفاعل      323 - للفسق ظاهرا وفي الضبط بأن
يثبت ما روى بخط مؤتمن      324 - وأنه يروي من أصل وافقا
لأصل شيخه كما قد سبقا      325 - لنحو ذاك البيهقي فلقد
آل السماع لتسلسل السند

[ تسهيل في الشروط ] الثالث عشر : في عدم مراعاة ما تقدم في الأزمان المتأخرة .

( وأعرضوا ) أي : المحدثون فضلا عن غيرهم ( في هذه الدهور ) المتأخرة ( عن ) اعتبار ( اجتماع هذه الأمور ) التي شرحت فيما مضى في الراوي وضبطه ، فلم يتقيدوا بها في عملهم ; ( لعسرها ) أو تعذر الوفاء بها ( بل ) استقر الحال بينهم على اعتبار بعضها ، وأنه ( يكتفى ) في الرواية ( بالعاقل المسلم البالغ غير الفاعل للفسق ) وما يخرم المروءة ( ظاهرا ) ، بحيث يكون مستور الحال .

( و ) يكتفى ( في الضبط بأن يثبت ما روى بخط ) ثقة ( مؤتمن ) ، سواء الشيخ أو القارئ أو بعض السامعين كتب على الأصل أو في ثبت بيده ، إذا كان الكاتب من أهل الخبرة بهذه الشأن ، بحيث لا يكون الاعتماد في رواية هذا الراوي عليه ، بل على الثقة المفيد لذلك ( وأنه يروي ) حين يحدث ( من أصل ) بنقل الهمزة ( وافقا لأصل شيخه كما قد سبقا لنحو ذلك ) الحافظ الكبير ( البيهقي ) فإنه لما ذكر توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ، ولا يحسنون قراءته من كتبهم ، ولا يعرفون ما يقرأ عليهم ، بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ، وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ، قال : فمن جاء اليوم بحديث واحد لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه ; أي : لأنه لا يجوز أن يذهب على جميعهم ، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته ، والحجة قائمة برواية غيره .

[ ص: 112 ] وحينئذ ( فلقد آل السماع ) الآن ( لتسلسل السند ) أي : بقاء سلسلته بحدثنا وأخبرنا ; لتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبيها صلى الله عليه وسلم ، يعني الذي لم يقع التبديل في الأمم الماضية إلا بانقطاعه .

قلت : والحاصل أنه لما كان الغرض أولا معرفة التعديل والتجريح ، وتفاوت المقامات في الحفظ والإتقان ; ليتوصل بذلك إلى التصحيح والتحسين والتضعيف ، حصل التشدد بمجموع تلك الصفات ، ولما كان الغرض آخرا الاقتصار في التحصيل على مجرد وجود السلسلة السندية اكتفوا بما ترى .

ولكن ذاك بالنظر إلى الغالب في الموضعين ، وإلا فقد يوجد في كل منهما من نمط الآخر ، وإن كان التساهل إلى هذا الحد في المتقدمين قليلا .

وقد سبق البيهقي إلى قوله شيخه الحاكم ، ونحوه عن السلفي ، وهو الذي استقر عليه العمل ، بل حصل التوسع فيه أيضا إلى ما وراء هذا ، كقراءة غير الماهر في غير أصل مقابل ، بحيث كان ذلك وسيلة لإنكار غير واحد من المحدثين ، فضلا عن غيرهم عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية