الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6519 6917 - حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل من اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد لطم وجهه فقال : يا محمد ، إن رجلا من أصحابك من الأنصار لطم في وجهي . قال :" ادعوه " . فدعوه . قال :" لم لطمت وجهه ؟" . قال : يا رسول الله ، إني مررت باليهود فسمعته يقول : والذي اصطفى موسى على البشر . قال : قلت : وعلى محمد - صلى الله عليه وسلم - : قال : فأخذتني غضبة فلطمته . قال :" لا تخيروني من بين الأنبياء ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أفاق قبلي أم جزي بصعقة الطور " . [ انظر : 2412 - مسلم : 2374 - فتح 12 \ 263 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              هذا أسند فيما مضى .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :" لا تخيروا بين الأنبياء " . وفي رواية : جاء رجل من اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد لطم وجهه فقال : يا محمد ، إن رجلا من أصحابك من الأنصار قد لطم وجهي . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : ترك القصاص بين المسلم والكافر ؛ إذ لم يقتص له من لطمة المسلم له ، وهو قول جماعة الفقهاء كما سلف .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 497 ] وجه الدلالة : أنه لو كان فيه قصاص لبينه ، وهذه المسألة إجماعية ؛ لأن الكوفيين لا يرون القصاص في اللطمة ولا الأدب ، إلا أن يجرحه ففيه الأرش .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : جواز رفع المسلم إلى السلطان بشكوى الكافر به .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : خلقه - عليه السلام - وما جبله الله عليه من التواضع وحسن الأدب في قوله :" لا تخيروا بين الأنبياء " وفي الرواية الثانية " لا تخيروني من بين الأنبياء " ، وذلك كقول الصديق : وليتكم ولست بخيركم .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف الكلام على هذا الحديث وما قد يعارضه والجمع بينها في أبواب الإشخاص والملازمة ، أحسنها أنه من باب التواضع .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : أن يعلم أنه خيرهم ، فينبغي لأهل الفضل الاقتداء بالشارع والصديق وغيرهما ، فإن التواضع من أخلاق الأنبياء والصالحين ، وروى ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا :" من أحب أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر " .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : أن العرش جسم ، وأنه ليس العلم ، كما قاله سعيد بن جبير ، لقوله :" فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش " والقائمة لا تكون إلا جسما ، ومما يؤيد هذا قوله تعالى : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية [ الحاقة : 17 ] ومحال أن يكون المحمول غير جسم ، لأنه لو كان روحانيا لم يكن في حمل الملائكة الثمانية له عجب ، ولا في حمل واحد ، فلما عجب الله تعالى من حمل الثمانية له علمنا أنه جسم ؛ لأن العجب في حمل الثمانية للعرش لعظمته وإحاطته .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 498 ] وقوله : (" فإن الناس يصعقون يوم القيامة ") قال الداودي : يعني النفخة . قال : في هذا الحديث بعض الوهم فذلك قوله :" فأكون أول من يفيق " ثم قال :" فلا أدري أفاق قبلي " وإنما قال :" أكون أول من تنشق عنه الأرض " وشك في الإفاقة .

                                                                                                                                                                                                                              قوله (" جوزي بصعقة الطور ") . قال الجوهري : تقول : جزيته بما صنع وجازيته ، بمعنى .

                                                                                                                                                                                                                              آخر الديات ومتعلقاتها ولله الحمد




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية