الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والصحيح انعقاد النذر بكل قربة لا تجب ابتداء كعيادة ) لمريض تسن عيادته ( وتشييع جنازة والسلام ) أي : ابتدائه حيث شرع وكذا جوابه ما لم يتعين لما مر في فرض الكفاية قال : وحذفت قول المحرر على الغير لإيهامه الاحتراز عن سلامه على نفسه عند دخوله بيتا خاليا ولا يصح فإنهما سواء انتهى ونازعه الأذرعي بأن سلامه على نفسه لا يفهم [ ص: 100 ] من نذر السلام قال : فيتجه أنه لا يجب إلا بنية أو بقرينة تدل عليه وكتشميت العاطس وزيارة القادم وتعجيل مؤقتة أول وقتها ؛ لأن الشارع رغب فيها فكانت كالعبادات الذاتية ومنها التزوج فيصح نذره ، حيث سن له كما مر في بابه ومنها التصدق على ميت أو قبره إن لم يرد تمليكه واطرد العرف بأن ما يحصل له يقسم على نحو فقراء هناك فإن لم يكن عرف هناك بطل قال السبكي : والأقرب عندي في الكعبة والحجرة الشريفة والمساجد الثلاثة أن من خرج من ماله عن شيء لها واقتضى العرف صرفه في جهة من جهاتها صرف إليها واختصت به ا هـ فإن لم يقتض العرف شيئا فالذي يتجه أنه يرجع في تعيين المصرف لرأي ناظرها ، وظاهر أن الحكم كذلك في النذر إلى مسجد غيرها خلافا لما يوهمه كلامه ، ومنها إسراج نحو شمع أو زيت بمسجد أو غيره كمقبرة إن كان ثم من ينتفع به ، ولو على نذور فيجب الوفاء به وإلا فلا وخرج بلا تجب ابتداء ما وجب جنسه شرعا كصلاة وصدقة وصوم وحج وعتق فيجب بالنذر قطعا [ ص: 101 ] والواجب العيني والمخير وما على الكفاية إذا تعين كما مر ولا بد في الضابط من زيادة أن لا يبطل رخصة الشرع ؛ ليخرج نذر عدم الفطر في السفر من رمضان ونذر الإتمام فيه إذا كان الأفضل الفطر والقصر فإنه لا ينعقد .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ونازعه الأذرعي إلخ ) لعل هذه المنازعة ساقطة لأن المصنف لم يدع تناول إطلاق السلام على نفسه بل في كلامه إشعار قوي بأن المراد إدخال ما إذا عين السلام على نفسه فليتأمل .

                                                                                                                              . ( قوله : أيضا [ ص: 100 ] ونازعه الأذرعي إلخ ) لا يخفى أن هذه المنازعة بعد تمامها لا تضر المصنف فيما قاله . ( قوله ومنها إسراج نحو شمع أو زيت بمسجد أو غيره كمقبرة إلخ ) قال في الإرشاد في أمثلة ما ينعقد بالنذر وتطييب مسجد قال في شرحه ولو غير الكعبة كما رجحه في المجموع خلافا لما في الحاوي تبعا للإمام وإن أقراه في الروضة وأصلها ؛ لأن تطييب المسجد سنة مقصودة ككسوة الكعبة بحرير وغيره وليس مثله مشاهد العلماء والصلحاء كما قاله ابن عبد السلام ومر حرمة كسوتها بالحرير ، وأما بغيره فهو مباح فلا ينعقد نذره انتهى وفي العباب لو نذر ستر الكعبة ولو بحرير أو تطييبها أو صرف مال لذلك لزمه قال في شرحه وخرج بسترها ستر غيرها من المساجد ، فإنه لا ينعقد على الأوجه الذي اقتضاه كلامهم ؛ لأنه بالحرير حرام خلافا لابن عبد السلام كالغزالي ، وأما بغيره فقال أبو بكر الشاشي : هو حرام أيضا وهو بعيد وقال ابن عبد السلام لا بأس به وهو ظاهر بل ينبغي أن يكون قربة تلزم بالنذر إذا كان فيه وقاية المصلين المستندين إلى جدرها من نحو حر أو برد أو وسخ انتهى ، ثم قال في العباب [ ص: 101 ] وإن نذر تطييب سائر المسجد فالمختار أي : كما في المجموع لزومه دون مشاهد العلماء والأولياء أي : فلا ينعقد نذره تطييبها كما قالهابن عبد السلام انتهى ، ثم قال في شرحه وتردد الغزالي في انعقاد تنظيف المسجد من الأذى والظاهر الانعقاد ؛ لأنه قربة انتهى وقوله السابق : بل ينبغي أن يكون قربة تلزم بالنذر إذا كان فيه إلخ ينبغي أن يجري مثله في مشاهد العلماء والأولياء إذا كان فيه وقاية الزائرين كما ذكره فليتأمل . -



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن لا تجب ابتداء ) أي : لا يجب جنسها ابتداء ، وسيأتي محترزه ، وبه يندفع ما قد يقال مفهوم قوله لا تجب ابتداء صحة نذر صلاة الجنازة إذا تعينت عليه لعدم وجوبها عليه ابتداء ، وقد مر عدم صحة نذرها . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              . ( قول المتن والسلام ) أي : على الغير أو على نفسه إذا دخل بيتا خاليا مغني ، ونهاية . ( قوله : قال ) أي : المصنف في الدقائق . ( قوله : على الغير ) مقول المحرر . ( قوله : ولا يصح ) أي : ذلك الاحتراز . ( قوله : ونازعه الأذرعي إلخ ) لعل هذه المنازعة ساقطة فإن المصنف لم يدع تناول إطلاق السلام سلامه على نفسه بل في كلامه إشعار قوي بأن المراد إدخال ما إذا عين السلام على نفسه فليتأمل . ا هـ . سم عبارة السيد عمر لك أن تقول مراد الإمام النووي كما هو الظاهر المتبادر من عبارته أن التقييد الواقع في المحرر يوهم أنه لو نذر السلام على نفسه لم ينعقد ، ولو بصيغة لله علي أن أسلم على نفسي إذا دخلت البيت خاليا وهذا ، واضح لا غبار عليه ، ولا نزاع فيه وأما كون نذر مطلق [ ص: 100 ] السلام يشمل السلام على نفسه فليس فيه تعرض له بوجه فالعجب من الأذرعي مع جلالته كيف صدرت منه هذه المنازعة ، ومن الشارح مع مزيد مشاحته للمتعقبين للمصنف كيف أقرها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو قرينة ) فيه تأمل . ( قوله : وكتشميت ) إلى الكتاب في المغني إلا قوله الذاتية إلى ، ومنها التصدق ، وما سأنبه عليه . ( قوله : وتعجيل مؤقتة أول وقتها ) وقيام التراويح ، وتحية المسجد وركعتي الإحرام ، والطواف ، وستر الكعبة ولو بالحرير وتطييبها ، وصرف ماله في شراء سترها فإن نوى المباشرة لذلك بنفسه لزمه ، وإلا فله بعثه إلى القيم ليصرفه في ذلك . ا هـ . مغني . ( قوله : رغب فيها ) أي : المذكورات . ا هـ . ع ش . ( قوله : ومنها التزوج إلخ ) أي : من القربة التي لا تجب ابتداء أو من العبادات الذاتية . ( قوله : ومنها التصدق على ميت أو قبره إلخ ) عبارة الروض مع شرحه ، ومن نذر زيتا أو شمعا لإسراج مسجد أو غيره أو وقف ما يشتريان به من غلته صح كل من النذر والوقف إن كان يدخل المسجد أو غيره من ينتفع به من نحو مصل أو نائم ، وإلا لم يصح ؛ لأنه إضاعة مال

                                                                                                                              وقد ذكر الأذرعي ما يفيد ذلك فقال : في إيقاد الشموع ليلا على الدوام ، والمصابيح الكثيرة نظر لما فيه من الإسراف ، وأما المنذور للمشاهد التي بنيت على قبر ولي أو نحوه فإن قصد الناذر بذلك التنوير على من يسكن البقعة أو يتردد إليها فهو نوع قربة ، وحكمه ما ذكر أي : الصحة ، وإن قصد به الإيقاد على القبر ، ولو مع قصد التنوير فلا ، وإن قصد به ، وهو الغالب من العامة تعظيم البقعة أو القبر أو التقرب إلى من دفن فيها أو نسبت إليه فهذا نذر باطل غير منعقد فإنهم يعتقدون أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسهم ، ويرون أن النذر لها مما يندفع به البلاء قال : وحكم الوقف كالنذر انتهى . ا هـ . زاد المغني فإن حصل شيء من ذلك رد إلى مالكه وإلى وارثه بعده ، وإن جهل صرف في مصالح المسلمين ، وقال الشيخ عز الدين المهدى : إلى المساجد من زيت أو شمع إن صرح بأنه نذر وجب صرفه إلى جهة النذر ، ولا يجوز بيعه وإن أفرط في الكثرة ، وإن صرح بأنه تبرع لم يجز التصرف فيه إلا على وفق إذنه ، وهو باق على ملكه فإن طالت المدة وظن أن باذله مات فقد بطل إذنه ، ووجب رده إلى وارثه فإن لم يعرف له وارث صرف في مصارف المسلمين ، وإن لم يعرف قصد المهدي أجرى عليه أحكام المنذور التي تقدمت أو يصرف في مصالح المسلمين . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عن شيء ) لعل عن زائدة . ( قوله : إلى مسجد غيرها إلخ ) قال في الإرشاد في أمثلة ما ينعقد بالنذر ، وتطييب مسجد قال في شرحه ، ولو غير الكعبة ؛ لأن تطييب المسجد سنة مقصودة ككسوة الكعبة بحرير وغيره ، وليس مثله أي : المسجد مشاهد العلماء ، والصلحاء كما قاله ابن عبد السلام ، ومر حرمة كسوتها بالحرير ، وأما بغيره فهو مباح لا ينعقد نذره انتهى . ا هـ . سم . ( قوله : خلافا له ) أي : للسبكي حيث قيد بالمساجد الثلاثة . ( قوله : ومنها إسراج نحو شمع إلخ ) وفي العباب لو نذر ستر الكعبة ، ولو بحرير أو تطييبها أو صرف مال لذلك لزمه قال في شرحه : وخرج بسترها ستر غيرها من المساجد فإنه لا ينعقد على الأوجه ؛ لأنه بالحرير حرام خلافا لابن عبد السلام كالغزالي

                                                                                                                              وأما بغيره فقال أبو بكر الشاشي هو حرام أيضا ، وهو بعيد وقال ابن عبد السلام لا بأس به ، وهو ظاهر بل ينبغي أن يكون قربة يلزم بالنذر إذا كان فيه وقاية المصلين المستندين إلى جدرها من نحو حر أو برد أو وسخ انتهى ثم قال في العباب : وإن نذر تطييب سائر المساجد فالمختار أي : كما في [ ص: 101 ] المجموع لزومه دون مشاهد العلماء والأولياء أي : فلا ينعقد نذر تطييبها كما قاله ابن عبد السلام انتهى ثم قال في شرحه : وتردد الغزالي في انعقاد تنظيف المسجد من الأذى ، والظاهر الانعقاد ؛ لأنه قربة انتهى ، وقوله السابق : بل ينبغي أن يكون قربة يلزم بالنذر إلخ . ينبغي أن يجري مثله في مشاهد العلماء والأولياء إذا كان فيه وقاية الزائرين كما ذكر فليتأمل . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله ، والواجب العيني إلخ ) عطف على ما وجب جنسه إلخ . ( قوله : كما مر ) الأولى فلا ينعقد كما مر . ( قوله : أن لا يبطل ) أي : النذر . ا هـ . ع ش . ( قوله : أن لا يبطل إلخ ) الأولى ، ولا تبطل . ( قوله : فإنه لا ينعقد ) ولو قال إن شفى الله مريضي فلله علي تعجيل زكاة مالي لم ينعقد أو نذر الاعتكاف صائما لزماه جزما أو قراءة الفاتحة إذا عطس انعقد ، وإن لم تكن به علة فإن عطس في نحو ركوع قرأها بعد صلاته أو في القيام قرأها حالا إذ تكريرها لا يبطلها أو أن يحمد الله عقب شربه انعقد أو أن يجدد الوضوء عند مقتضيه فكذلك أي : ينعقد . ا هـ . نهاية عبارة المغني ، وأورد على الضابط ما لو قال : إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعجل زكاة مالي فإن الأصح في زيادة الروضة عدم انعقاده ؛ لأنه ليس بقربة نعم حيث قلنا يندب تعجيل الزكاة كأن اشتدت حاجة المستحقين بها أو التمسوها من المزكي أو قوم الساعي قبل تمام حوله فينبغي كما قال الإسنوي ، وغيره صحة نذره ، ولو نذر أن يصلي في أفضل الأوقات فقياس ما قالوه في الطلاق ليلة القدر أو في أحب الأوقات إلى الله تعالى

                                                                                                                              قال الزركشي ينبغي أن لا يصح نذره ، والذي ينبغي الصحة ، ويكون كنذره في أفضل الأوقات ، ولو نذر أن يعبد الله بعبادة لا يشركه فيها أحد فقيل يطوف بالبيت وحده ، وقيل يصلي داخل البيت وحده ، وقيل يتولى الإمامة العظمى فإن الإمام لا يكون إلا واحدا فإن انفرد بها واحد فقد قام بعبادة هي أعظم العبادات ، وينبغي أنه يكفي أي : واحد من ذلك ، وما رد به من أن البيت لا يخلو عن طائف ملك أو غيره مردود ؛ لأن العبرة بما في ظاهر الحال . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية