الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1381 ) فصل : وإن اتفق عيد في يوم جمعة ، سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد ، إلا الإمام ، فإنها لا تسقط عنه إلا أن لا يجتمع له من يصلي به الجمعة . وقيل : في وجوبها على الإمام روايتان وممن قال بسقوطها الشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي .

                                                                                                                                            وقيل : هذا مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وقال أكثر الفقهاء تجب الجمعة ; لعموم الآية ، والأخبار الدالة على وجوبها ولأنهما صلاتان واجبتان ، فلم تسقط إحداهما بالأخرى ، كالظهر مع العيد .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى إياس بن أبي رملة الشامي ، قال : { شهدت معاوية يسأل زيد بن أرقم : هل شهدت مع رسول [ ص: 106 ] الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد ؟ قال : نعم . قال : فكيف صنع ؟ قال : صلى العيد ، ثم رخص في الجمعة ، فقال : من شاء أن يصلي فليصل } . رواه أبو داود ، والإمام أحمد ، ولفظه { من شاء أن يجمع فليجمع } .

                                                                                                                                            وعن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : اجتمع في يومكم هذا عيدان ، فمن شاء أجزأه من الجمعة ، وإنا مجمعون } . رواه ابن ماجه . وعن ابن عمر ، وابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك .

                                                                                                                                            ولأن الجمعة إنما زادت عن الظهر بالخطبة ، وقد حصل سماعها في العيد ، فأجزأ عن سماعها ثانيا ، ولأن وقتهما واحد بما بيناه ، فسقطت إحداهما بالأخرى ، كالجمعة مع الظهر ، وما احتجوا به مخصوص بما رويناه ، وقياسهم منقوض بالظهر مع الجمعة ، فأما الإمام فلم تسقط عنه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { وإنا مجمعون } ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ، ومن يريدها ممن سقطت عنه ، بخلاف غيره من الناس . ( 1382 )

                                                                                                                                            فصل : وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد ، فقد روي عن أحمد ، قال : تجزئ الأولى منهما ، فعلى هذا تجزئه عن العيد والظهر ، ولا يلزمه شيء إلى العصر عند من جوز الجمعة في وقت العيد . وقد روى أبو داود ، بإسناده عن عطاء ، قال : اجتمع يوم الجمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير ، فقال : عيدان قد اجتمعا في يوم واحد ، فجمعهما وصلاهما ركعتين بكرة ، فلم يزد عليهما حتى صلى العصر . وروي عن ابن عباس أنه بلغه فعل ابن الزبير ، فقال : أصاب السنة .

                                                                                                                                            قال الخطابي : وهذا لا يجوز أن يحمل إلا على قول من يذهب إلى تقديم الجمعة قبل الزوال ، فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلى الجمعة فسقط العيد ، والظهر ، ولأن الجمعة إذا سقطت مع تأكدها ، فالعيد أولى أن يسقط بها ، أما إذا قدم العيد فإنه يحتاج إلى أن يصلي الظهر في وقتها إذا لم يصل الجمعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية