الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن كانت غنمة معزا فثنية أو ضأنا فجذعة ، ولا أنظر إلى الأغلب في البلد لأنه إنما قيل : إن عليه شاة من شاء بلده تجوز في صدقة الغنم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : الكلام في هذه الشاة المأخوذة من الخمس ، أو بين الشاتين يشتمل على ثلاثة فصول :

                                                                                                                                            أحدها : في السن .

                                                                                                                                            والثاني : في الجنس .

                                                                                                                                            والثالث : في النوع .

                                                                                                                                            [ ص: 102 ] فأما السن الذي لا يجوز دونه فهو ما تجوز أضحيته إن كانت ضأنا فجذعة ، وإن كانت معزى فثنية ، لما روي عن سويد بن غفلة قال أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : نهينا عن أخذ الراضع ، وأمرنا بالجذع من الضأن والثني من المعز وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لساعيه : وخذ الجذعة والثنية .

                                                                                                                                            وأما الجنس فالمراعى فيه غنم البلد لا غنم المالك ، فإن كان مكيا فمن غنم مكة ضأنا أو معزى ، فإن أخرج غير المكية لم تجزه ، إلا أن تكون مثل المكية أو فوقها ، وإن كان بصريا فمن غنم البصرة ضأنا أو معزى ، فإن أخرج من غير البصرية لم تجزه ، إلا أن تكون مثل البصرية أو فوقها ، وإنما كان كذلك ؛ لأن ما أطلق ذكره من غير وصف فوصفه محمول على غالب البلدان كأثمان المبيعات .

                                                                                                                                            وأما النوع فالمزكي مخير فيه بين الضأن والمعزى ، ولا اعتبار بغالب غنم البلد ، وقال مالك : اعتبار غنم البلد واجب في النوع كما كان واجبا في الجنس ، فإن كان غنم البلد الضأن لم آخذ المعز ، وإن كان الغالب المعز لم آخذ الضأن ، وهذا غلط ؛ لأن النوع قد ورد الشرع بتحديد أصله والتسوية بين جميعه ، فلم يحتج مع ورود الشرع به إلى اعتبار غالب البلد ، وكان هذا الخلاف الجنس المطلق ذكره في الشرع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية