الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما بيع التأجيل إذا كان فيه قبض أحد العوضين بمصلحة القابض في ذلك ، فاحتمل بقاء العوض الآخر في الذمة لمصلحة هذا ، وإلا فالواجب تفريغ الذمم بحسب الإمكان ، وهنا اشتغلت ذمة كل منهما بغير منفعة ، فهذا متفق على المنع منه .

وقد اشتهر أنه نهى عن بيع الدين بالدين ، لكن هذا اللفظ لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الدين المطلق هو المؤخر ، فيكون هو بيع الكالئ بالكالئ .

وأما بيع دين موصوف حال بموصوف وقبضهما قبل التفرق ، مثل بيع مئة مد بمئة درهم ، فهذا جائز بلا خلاف ، وإذا تفرقا قبل التقابض لم يجز في الربويات عند الجمهور ولو عين ، وعند أبي حنيفة التعيين كالمقبوض .

وإذا بيع ساقط بساقط ، مثل أن يكون لهذا على هذا دراهم ولهذا على هذا دنانير ، فيقول : بعت هذا بهذا ، وتبرأ الذمتان فهذا فيه قولان ، والأظهر جواز هذا ؛ لأنه برئت ذمة كل منهما ، فهو خلاف ما يشغل ذمة كل منهما . وكونه يشمله لفظ بيع دين بدين ، ولو كان هذا لفظ صاحب الشرع لم يتناول هذا ، فإنه إنما يراد بذلك إذا جعل على هذا دين بدين يجعل على هذا ، وهنا لم يبق على هذا دين ولا على هذا دين ، فأي محذور في هذا ؟ [ ص: 299 ] بل هذا خير من أن يؤمر كل واحد منهما بإعطاء ما عليه ، ثم استيفاء ما له على الآخر ، فإن في هذا ضررا على هذا وعلى هذا [في] مالهما لو كان معهما ما يوفيان ، فكيف إذا لم يكن معهما ذلك ؟ ينزه الشارع عن تحريمه ، فإن الشارع لا يحرم ما ينفع ولا يضر .

التالي السابق


الخدمات العلمية