الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية السادسة عشرة :

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } .

                                                                                                                                                                                                              فيها ثلاث مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : قال ابن وهب : قال مالك : بلغني أن طائفة من اليهود نزلوا المدينة ، طائفة خيبر ، وطائفة فدك لما كانوا يسمعون من صفة النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه في أرض بين حرتين ، ورجوا أن يكون منهم ، فأخلفهم الله ذلك ، وقد كانوا يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل بأسمائه وصفاته .

                                                                                                                                                                                                              وقد روى البخاري ، عن عطاء بن يسار أنه قال : { لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ، فسألته عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال : أجل ; والله إنه لموصوف ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به [ ص: 327 ] الملة العوجاء ، حتى يقولوا لا إله إلا الله ; ويفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا } .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية :

                                                                                                                                                                                                              روى البخاري وغيره عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء أنه قال : { كانت بين أبي بكر وعمر محاورة ، فأغضب أبو بكر عمر ، فانصرف عنه عمر مغضبا ، فاتبعه أبو بكر ليسأله أن يستغفر له ، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه ، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو الدرداء : ونحن عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم هذا فقد غامر . قال : وندم عمر على ما كان منه ، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه الخبر . قال أبو الدرداء : وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول : والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ إني قلت : يا أيها الناس ، إني رسول الله إليكم جميعا ، فقلتم : كذبت . وقال أبو بكر : صدقت } .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية