الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
50 - وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس " . رواه البخاري .

التالي السابق


50 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) - رضي الله عنه - ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الكبائر الإشراك بالله ) هو جعل أحد شريكا للآخر ، والمراد هاهنا اتخاذ إله غير الله ، وأراد به الكفر ، واختار لفظ الإشراك لأنه كان غالبا في العرب ( وعقوق الوالدين ) أي قطع صلتهما ، مأخوذ من العق ، وهو الشق والقطع ، والمراد عقوق أحدهما ، [ ص: 123 ] قيل : هو إيذاء لا يحتمل مثله من الولد عادة ، وقيل : عقوقهما مخالفة أمرهما فيما لم يكن معصية ، وفي معناهما الأجداد والجدات ، ثم اقترانه بالإشراك لما بينهما من المناسبة ، إذ في كل قطع حقوق السبب في الإيجاد والإمداد ، وإن كان ذلك لله حقيقة وللوالدين صورة ، ونظيره قوله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) وقوله عز وجل : ( أن اشكر لي ولوالديك ) ( وقتل النفس ) أي بغير حق ( واليمين الغموس ) الذي يغمس صاحبه في الإثم ثم في النار ، وقيل : في الكفارة بناء على مذهب الشافعي ، ومعناه أن يحلف على الماضي عالما بكذبه ، وقيل : أن يحلف كاذبا متعمدا ليذهب بمال أحد ، واعلم أن الأولى أن يقال : الكبيرة لا تنحصر في عدد ، وما قاله - عليه الصلاة والسلام - من عدد فذلك بسبب الوحي أو اقتضاء المقام ، والأنسب أن يضبط ذلك ويقاس الذنب إلى مفسدة المنصوص عليها ، فإن نقصت عن أقل المفاسد فهي من الصغائر ، وإلا فهي من الكبائر . هذا حاصل ما قاله الإمام عز الدين بن عبد السلام ( رواه البخاري ) والترمذي ، والنسائي أيضا .




الخدمات العلمية