الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ اشتراط كون الراوي فقيها ] ولا يشترط أن يكون فقيها عند الأكثرين سواء خالفت روايته القياس أم لا . وشرط عيسى بن أبان فقه الراوي لتقديم الخبر على القياس ، ولهذا رد حديث المصراة ، وتابعه أكثر متأخري الحنفية ، ومنهم الدبوسي ، وأما الكرخي وأتباعه فلم يشترطوا ذلك ، بل قبلوا خبر كل عدل إذا لم يكن مخالفا للكتاب أو السنة المشهورة ، ويقدم على القياس . قال أبو اليسر منهم : وإليه مال أكثر العلماء . قال صاحب " التحقيق " : وقد عمل أصحابنا بحديث أبي هريرة : { إذا أكل أو شرب ناسيا } ، وإن كان مخالفا للقياس ، حتى قال أبو حنيفة : لولا الرواية لقلت بالقياس ، وقد ثبت عن أبي حنيفة أنه قال : ما جاءنا عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين . واحتج أبو حنيفة [ ص: 213 ] في مواضع كثيرة على تقدير الحيض وغيره بمذهب أنس بن مالك مقلدا له ، فما ظنك بأبي هريرة مع أنه أفقه من أنس . قال : ولم ينقل عن أحد من السلف اشتراط الفقه في الراوي ، فثبت أنه قول محدث . ا هـ .

                                                      وكذا قال بعض متأخري الحنفية ، قال : ولهذا قلنا بحديث القهقهة ، وأوجبنا الوضوء فيها ، وليست بحدث في القياس ، ولهذا لم يوجبوا الوضوء على من قهقه في صلاة الجنازة ، وسجود التلاوة ; لأن النص لم يرد إلا في صلاة ذات ركوع وسجود . قلت : والصواب أن أبا هريرة كان من فقهاء الصحابة ، وقد أفرد القاضي أبو الحسين السبكي جزءا في فتاويه ، وقال شارح البزدوي : بل كان فقيها ، ولم يعدم شيئا من آلات الاجتهاد ، وكان يفتي في زمن الصحابة ، وما كان يفتي في ذلك الزمان إلا فقيه مجتهد ، وقد انتشر عنه معظم الشريعة ، فلا وجه لرد حديثه بالقياس . ا هـ .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية