الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 404 ] وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإن نكثوا أيمانهم قال ابن عباس : نزلت في أبي سفيان بن حرب ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وعكرمة ابن أبي جهل ، وسائر رؤساء قريش الذين نقضوا العهد حين أعانوا بني بكر على خزاعة حلفاء رسول الله ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسير إليهم فينصر خزاعة ، وهم الذين هموا بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما النكث ، فمعناه: النقض . والإيمان هاهنا: العهود . والطعن في الدين: أن يعاب ، وهذا يوجب قتل الذمي إذا طعن في الإسلام ، لأن المأخوذ عليه أن لا يطعن فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فقاتلوا أئمة الكفر قرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، "أئمة" بتحقيق الهمزتين . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو: بتحقيق الأولى وتليين الثانية . والمراد بأئمة الكفر: رؤوس المشركين وقادتهم . إنهم لا أيمان لهم أي: لا عهود لهم صادقة; هذا على قراءة من فتح الألف ، وهم الأكثرون . وقرأ ابن عامر "لا إيمان لهم" بالكسر; وفيها وجهان ذكرهما الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه وصف لهم بالكفر ونفي الإيمان ، والثاني: لا أمان لهم ، تقول: آمنته إيمانا ، والمعنى: فقد بطل أمانكم لهم بنقضهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 405 ] وفي قوله: لعلهم ينتهون قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: عن الشرك . والثاني عن نقض العهود .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي "لعل" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها بمعنى الترجي ، المعنى ليرجى منهم الانتهاء ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها بمعنى: "كي" قاله أبو سليمان الدمشقي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية