الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ إذا رويت لصحابي غاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم سنة هل يلزمه سؤاله عنها عند لقياه ] لو رويت سنة لمن غاب عن النبي صلى الله عليه وسلم فعمل بها ، ثم لقيه ، هل يلزمه سؤاله عنها ؟ فيه وجهان . حكاهما ابن فورك ، وأبو الحسين بن القطان ، والماوردي ، والروياني ، وغيرهم . أحدهما : يلزمه ليكون على يقين من وجوب العمل بها . والثاني : لا يلزمه ; لأنه لو لزمه السؤال إذا حضر للزمه الهجرة إذا غاب ، وقال الشيخ أبو إسحاق في " التبصرة " ، وسليم الرازي في " التقريب " ، وابن برهان في " الأوسط " : والأصح أنه لا يلزمه . وقال ابن فورك : إنه الأصح ; لأنهم إنما كلفوا بالظاهر ، ونقله صاحب " الكبريت الأحمر " عن الحنفية ، قال : لكن الأولى ذلك . [ ص: 219 ] وقال صاحب " الحاوي " : الصحيح عندي أن وجوب السؤال يختلف باختلاف السنة ، فإن كانت تغليظا لم يلزمه السؤال ، وإن كانت ترخيصا لزمه السؤال ; لأن التغليظ التزام ، والترخيص إسقاط .

                                                      قال أبو الحسين بن القطان ، وابن فورك : واحتج من لم يوجبه بأن أهل اليمن لقي خلق منهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يبلغنا أن واحدا منهم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مسألة مما كان معاذ أداه إليهم ، ولما أتى آت أهل قباء فأخبرهم لم يقل أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ، واحتج الآخرون بأنا مأمورون بالاعتقاد فحيث يمكن فلا يعدل عنه ، وأهل قباء استغنوا عن السؤال بمشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم التحويل ، وأهل اليمن يجوز أن يكونوا سألوه ، ومثله بما أتاهم آت في تحريم الخمر أراقوها ، ولم يسألوا ، وبأن شهود الأصل إذا حضروا كان السماع لهم دون الفرع فكذلك هنا ، وقال الآخرون ينظر في ذلك ، فإن كان قد حكم بشهادة الفرع ثم حضر شهود الأصل لم يكن عليه أن يسألهم ، وهما سواء في المعنى . ا هـ .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية