الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وأما من قال يسأل عما أراد من ظهار أو طلاق رجعي أو محرم أو يمين فيكون ما أراد من ذلك ، فمأخذه أن اللفظ لم يوضع لإيقاع الطلاق خاصة ، بل هو محتمل للطلاق والظهار والإيلاء ، فإذا صرف إلى بعضها بالنية فقد استعمله فيما هو صالح له وصرفه إليه بنيته ، فينصرف إلى ما أراده ولا يتجاوز به ولا يقصر عنه ، وكذلك لو نوى عتق أمته بذلك عتقت وكذلك لو نوى الإيلاء من الزوجة واليمين من الأمة لزمه ما نواه ، قالوا : وأما إذا نوى تحريم عينها لزمه بنفس اللفظ كفارة يمين اتباعا لظاهر القرآن وحديث ابن عباس الذي رواه مسلم في " صحيحه " : ( إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها وتلا : [ ص: 283 ] ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ) وهذا يشبه ما قاله مجاهد في الظهار ، إنه يلزمه بمجرد التكلم به كفارة الظهار ، وهو في الحقيقة قول الشافعي رحمه الله ، فإنه يوجب الكفارة ، إذا لم يطلق عقيبه على الفور .

قالوا : ولأن اللفظ يحتمل الإنشاء والإخبار ، فإن أراد الإخبار فقد استعمله فيما هو صالح له فيقبل منه . وإن أراد الإنشاء سئل عن السبب الذي حرمها به . فإن قال : أردت ثلاثا أو واحدة أو اثنتين قبل منه لصلاحية اللفظ له ، واقترانه بنيته ، وإن نوى الظهار كان كذلك ؛ لأنه صرح بموجب الظهار ؛ لأن قوله : أنت علي كظهر أمي موجبه التحريم ، فإذا نوى ذلك بلفظ التحريم ، كان ظهارا ، واحتماله للطلاق بالنية لا يزيد على احتماله للظهار بها ، وإن أراد تحريمها مطلقا فهو يمين مكفرة ؛ لأنه امتناع منها بالتحريم ، فهو كامتناعه منها باليمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية