الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن أصبح يوم النحر صائما ثم أفطر لا شيء عليه ، وعن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله في النوادر أن عليه القضاء ) لأن الشروع ملزم كالنذر ، وصار كالشروع في الصلاة في الوقت المكروه . والفرق لأبي حنيفة رحمه الله ، وهو ظاهر الرواية أن بنفس الشروع في الصوم يسمى صائما حتى يحنث به الحالف على [ ص: 388 ] الصوم فيصير مرتكبا للنهي ، فيجب إبطاله فلا تجب صيانته ووجوب القضاء يبتنى عليه ، ولا يصير مرتكبا للنهي بنفس النذر وهو الموجب ، ولا بنفس الشروع في الصلاة حتى يتم ركعة ، ولهذا لا يحنث به الحالف على الصلاة فتجب صيانة المؤدى ويكون مضمونا بالقضاء ، وعن أبي حنيفة رحمه الله : أنه لا يجب القضاء في فصل الصلاة أيضا ، والأظهر هو الأول ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


( قوله من أصبح يوم النحر إلخ ) المقصود أن الشروع في صوم يوم من الأيام المنهية كيومي العيدين والتشريق ليس موجبا للقضاء بالإفساد ، بخلاف نذرها فإنه يوجبه في غيرها ، وبخلاف الصلاة في الأوقات المكروهة فإن إفسادها [ ص: 388 ] موجب للقضاء في وقت غير مكروه هذا ظاهر الرواية .

وعن أبي يوسف ومحمد أن الشروع في صوم هذه الأيام كالشروع في الصلاة في الأوقات المكروهة . وعن أبي حنيفة رحمه الله أن الشروع في الأوقات المكروهة ليس موجبا للقضاء كالشروع في صوم هذه الأيام . وجه الظاهر وهو التفصيل أن وجوب القضاء ينبني على وجوب الإتمام فإذا فوته وجب جبره بالقضاء ، ووجوب الإتمام بالشروع في الصوم في هذه الأيام منتف ، بل المطلوب بمجرد الشروع قطعه لأنه بمجرده مرتكب للنهي لصدق اسم الصوم الشرعي والصيام على مجرد الإمساك بنية . ولذا حنث به في يمينه لا يصوم ، وإن لم يحنث به في يمينه لا يصوم صوما ، ولا يصير بمجرد التلفظ بلفظ النذر ولا بمجرد الشروع في الصلاة مرتكبا للنهي حتى يتوجه عليه طلب القطع ، لأن المنهي الصلاة ، والصلاة عبارة عن مجموع أركان معلومة فما لم يفعلها لا تتحقق ، لأن وجود الشيء بوجود جميع حقيقته ، فإذا قطعها فقد قطع ما لم يطلب منه بعد قطعه فيكون مبطلا للعمل قبل الأمر بالإبطال فيلزم به القضاء إلا أن هذا يقتضي أنه لو قطع بعد السجدة لا يجب قضاؤها ، والجواب مطلق في الوجوب .




الخدمات العلمية