الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2509 18 - حدثنا محمد بن كثير قال : أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ، قال إبراهيم : وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته " لأن فيه معنى الجور; لأن معناه أنهم لا يتورعون في أقوالهم ويستهينون بالشهادة واليمين ، ومنصور هو ابن المعتمر ، وإبراهيم هو النخعي ، وعبيدة بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة هو السلماني ، وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ورجال هذا الإسناد كلهم كوفيون ، وفيه ثلاثة من التابعين على نسق واحد .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفضائل عن محمد بن كثير عن سفيان ، وفي النذور عن سعد بن حفص ، وفي الرقائق عن عبدان ، وأخرجه مسلم في الفضائل عن قتيبة وهناد ، وعن عثمان وإسحاق ، وعن ابن المثنى ، وعن محمد بن بشار ، وأخرجه الترمذي في المناقب عن هناد ، وأخرجه النسائي في الشروط عن قتيبة به ، وفي القضاء عن إسحاق بن إبراهيم به ، وعن أحمد بن عثمان النوفلي ، وعن ابن المثنى وابن بشار ، وعن بشر بن خالد ، وعن عمرو بن علي ، وأخرجه ابن ماجه في الأحكام عن عثمان بن أبي شيبة وعمرو بن نافع .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله : " ثم تجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته " يعني في حالين لا في حالة واحدة ، قال الكرماني : تقدم الشهادة على اليمين وبالعكس دور فلا يمكن وقوعه فما وجهه ؟

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : هم الذين يحرصون على الشهادة مشغوفون بترويجها يحلفون على ما يشهدون به ، فتارة يحلفون قبل أن يأتوا بالشهادة ، وتارة يعكسون ، ويحتمل أن يكون مثلا في سرعة الشهادة واليمين وحرص الرجل عليهما حتى لا يدري بأيتهما يبتدئ ، فكأنه يسبق أحدهما الآخر من قلة مبالاته بالدين .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قال إبراهيم . . إلى آخره " موصول بالإسناد المذكور ، وقيل : معلق ، وقال بعضهم : ووهم من زعم أنه معلق .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : لم يقم الدليل على أنه وهم بل كلام بالاحتمال .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد " وفي رواية البخاري في الفضائل بهذا الإسناد : ونحن صغار ، وكذلك أخرجه مسلم بلفظ : كانوا ينهوننا ونحن غلمان عن العهد والشهادات ، وقال أبو عمر : معناه عندهم النهي عن مبادرة الرجل بقوله : أشهد بالله وعلى عهد الله لقد كان كذا ونحو ذلك ، وإنما كانوا يضربونهم على ذلك حتى لا يصير لهم به عادة فيحلفون في كل ما يصلح وما لا يصلح ، وقيل : يحتمل أن يكون المراد بالعهد المنهي الدخول في الوصية ( لما يترتب على ذلك من المفاسد ، والوصية تسمى العهد ، قال الله تعالى : لا ينال عهدي الظالمين




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية