الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 61 ] قال : ( والمضمضة ، والاستنشاق ) ; لأنه عليه الصلاة والسلام فعلهما على المواظبة ، وكيفيته أن يمضمض ثلاثا : [ ص: 62 - 69 ] يأخذ لكل مرة ماء جديدا ، ثم يستنشق كذلك ، هو المحكي من وضوئه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        ( الحديث السادس ) : عن النبي صلى الله عليه وسلم في المضمضة والاستنشاق أنه فعلهما على المواظبة . قلت : الذين رووا صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة عشرون نفرا : عبد الله بن زيد بن عاصم ، وعثمان بن عفان ، وابن عباس ، والمغيرة بن شعبة ، وعلي بن أبي طالب ، والمقدام بن معدي كرب ، والربيع بنت معوذ ، وأبو مالك الأشعري ، وأبو هريرة ، وأبو بكرة ، ووائل بن حجر ، ونفير أبو جبير الكندي ، وأبو أمامة ، وعائشة ، وأنس ، وكعب بن عمرو اليامي ، وأبو أيوب الأنصاري ، وعبد الله بن أبي أوفى ، والبراء بن عازب ، وأبو كاهل ، وكلهم حكوا فيه المضمضة والاستنشاق .

                                                                                                        أما حديث عبد الله بن زيد ، فرواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه ، قال : { شهدت عمرو بن أبي حسن . سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بتور من ماء ، فتوضأ لهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكفأ على يده من التور ، فغسل يديه ثلاثا ، ثم أدخل يده في التور ، فمضمض . واستنشق ، واستنثر ثلاثا ، بثلاث غرفات ، ثم أدخل يده في التور ، فغسل وجهه ثلاثا ، ويديه إلى المرفقين مرتين ، ثم أدخل يده في التور ، فمسح رأسه ، فأقبل بهما . وأدبر مرة واحدة ، ثم غسل رجليه } ، انتهى .

                                                                                                        ورواه جماعة عن عمرو بن يحيى ، كما رواه مالك إلا سفيان بن عيينة ، فإنه رواه عنه وقال فيه : عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، وهو [ ص: 62 ] وهم ، وإنما هو عبد الله بن زيد بن عاصم .

                                                                                                        وأما ابن عبد ربه ، فهو راوي حديث الأذان ، ووهم فيه أيضا وهما آخر ، فقال فيه : ومسح رأسه مرتين ، قال ابن عبد البر : لم يقل فيه : مرتين غير ابن عيينة ، ورواه مالك ، ووهيب ، وسليمان بن بلال ، وخالد الواسطي ، وغيرهم ، فكلهم قالوا : { فأقبل بهما وأدبر } ، وكأنه والله أعلم تأول قوله : { فأقبل بهما وأدبر } ، فجعلهما مرتين ، والله أعلم ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث عثمان بن عفان ، فرواه البخاري ، ومسلم من حديث { حمران مولى عثمان أنه رأى عثمان بن عفان دعا بوضوء ، فأفرغ على يديه من إنائه ، فغسلهما ثلاث مرات ، ثم أدخل يمينه في الوضوء ، ثم تمضمض واستنشق ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ويديه إلى المرفقين ثلاثا ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل رجليه ثلاثا ، ثم قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ نحو وضوئي هذا }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث ابن عباس ، فرواه البخاري من حديث { عطاء بن يسار عنه : أنه توضأ فغسل وجهه ، أخذ غرفة من ماء ، فتمضمض بها واستنشق ، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى ، فغسل بها وجهه ، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى ، ثم أخذ غرفة من ماء ، فغسل بها يده اليسرى ، ثم مسح برأسه ، ثم أخذ غرفة من ماء ، فرش على رجله اليمنى ، حتى غسلها ، ثم أخذ غرفة أخرى ، فغسل بها يعني رجله اليسرى ثم قال : هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ } ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث المغيرة بن شعبة ، فرواه البخاري أيضا في " كتاب اللباس في باب من لبس جبة ضيقة الكمين " ، وفيه المضمضة والاستنشاق .

                                                                                                        وأما حديث علي بن أبي طالب ، فرواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عبد خير عنه { أنه أتي بإناء فيه ماء ، وطست . فأفرغ من الإناء على يمينه ، فغسل يديه ، ثلاثا ، ثم تمضمض واستنثر ، ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، وغسل يده اليمنى ثلاثا ، وغسل يده الشمال ، ثلاثا ، ثم جعل يده في الإناء ، فمسح برأسه مرة واحدة ، ثم غسل رجله اليمنى ، ثلاثا ، ورجله الشمال ، ثلاثا ، ثم قال : من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا }انتهى . أخرجوه مختصرا ومطولا .

                                                                                                        وأما حديث المقدام بن معدي كرب ، فرواه أبو داود من رواية عبد الرحمن بن ميسرة عنه ، قال : { أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء ، فتوضأ ، فغسل كفيه ، ثلاثا ، ثم [ ص: 63 ] تمضمض واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ، ثم مسح برأسه وأذنيه ، ظاهرهما وباطنهما }انتهى .

                                                                                                        قال ابن دقيق العيد في " الإمام " : قال علي بن المديني عبد الرحمن بن ميسرة مجهول . لم يرو عنه غير حريز انتهى .

                                                                                                        وأما حديث الربيع بنت معوذ ، فرواه أبو داود أيضا ، قالت ؟ : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا ، فحدثت أنه قال لها : اسكبي لي وضوءا ، فذكرت صفة وضوئه ، عليه السلام ، قالت فيه : فغسل كفيه ثلاثا ، ومضمض واستنشق مرة ، ووضأ يديه ثلاثا ثلاثا ، ومسح برأسه مرتين ، يبدأ بمؤخر رأسه ، ثم بمقدمه ، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما ، ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي مالك الأشعري ، فرواه عبد الرزاق في " مصنفه " أنبأ معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم { عن أبي مالك الأشعري ، واسمه حارث ، أنه قال : هلموا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بجفنة من ماء فغسل يديه ، ثلاثا ، ومضمض واستنشق ، وغسل وجهه ثلاثا ، وذراعيه ، ومسح برأسه وأذنيه ، وغسل قدميه ، ثم صلى الظهر ، فقرأ بفاتحة الكتاب ، وكبر ثنتين وعشرين تكبيرة }انتهى .

                                                                                                        ومن طريق عبد الرزاق ، رواه الطبراني في " معجمه " ، وكذلك رواه أحمد . وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في " مسانيدهم " .

                                                                                                        وأما حديث عائشة ، فرواه النسائي في " سننه الكبرى " من حديث { سالم يعني سبلان عن عائشة أنها أرته كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، فتمضمضت واستنثرت ثلاثا ، وغسلت وجهها ثلاثا ، ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثا ، واليسرى ثلاثا ووضعت يدها في مقدم رأسها ، ثم مسحت رأسها مسحة واحدة . إلى مؤخره ، ثم مرت بيديها بأذنيها . قال سالم : كنت آتيها مكانها فأجلس بين يديها ، فتتحدث معي ، حتى جئتها يوما ، فقلت : يا أم المؤمنين ، ادع لي بالبركة ، قالت : وما ذاك ؟ [ ص: 64 ] قلت : أعتقني الله ، قالت : بارك الله لك ، وأرخت الحجاب دوني ، فلم أرها بعد ذلك اليوم }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي بكرة ، فرواه البزار في " مسنده " من حديث عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبيه عن أبيه { أبي بكرة . قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ . فغسل يديه ثلاثا ومضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ، ثلاثا ، وغسل ذراعيه ، إلى المرفقين ، ثم مسح برأسه ، وغسل رجليه } ، مختصر ، قال البزار وعبد الرحمن : صالح .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة : فرواه أحمد في " مسنده " من حديث عطاء عنه .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا محمد بن بكار ثنا حفص بن عمر الحوضي ثنا همام عن عامر الأحول عن عطاء عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ، فمضمض ، ثلاثا . واستنشق ، ثلاثا . وغسل وجهه ، وغسل يديه ، ثلاثا ومسح برأسه ، وغسل قدميه } ، انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " ثنا محمد بن بكار ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة ، قال : { جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرت الصلاة ، قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فغسل يديه ، ثم مضمض واستنثر ، وغسل وجهه ثلاثا ، ويديه ثلاثا ، ومسح برأسه ، وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ، ثم نضح تحت ثوبه ، ثم قال : هكذا إسباغ الوضوء }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث وائل بن حجر ، فرواه البزار في " مسنده " من حديث عبد الجبار بن وائل عنه ، قال : { شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وأتي بإناء ، فأكفأ على يمينه ثلاثا ثم غمس يمينه في الماء فغسل بها ذراعه اليمنى حتى جاوز المرفق ثلاثا ، ثم غسل يساره بيمينه حتى جاوز المرفق ، ثلاثا ، ثم مسح على رأسه ثلاثا ، وظاهر أذنيه ثلاثا ، وظاهر رقبته ، وأظنه قال : وظاهر لحيته ثلاثا ، ثم غسل بيمينه قدمه اليمنى ، وفصل بين أصابعه أو قال : خلل بين أصابعه ورفع الماء حتى جاوز الكعب ، ثم رفعه في الساق ، ثم فعل باليسرى مثل ذلك ، ثم أخذ حفنة من ماء ، فملأ بها يده ، ثم وضعها على رأسه ، حتى انحدر الماء من جوانبه ، وقال : هذا تمام الوضوء . ولم أره تنشف بثوب } ، انتهى .

                                                                                                        قال في [ ص: 65 ] الإمام " : يرويه محمد بن حجر بن عبد الجبار ، وقال البخاري : فيه نظر انتهى .

                                                                                                        وأما حديث جبير بن نفير ، فرواه ابن حبان في " صحيحه " من حديث معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه { جبير بن نفير عن أبيه نفير أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأمر له عليه السلام بوضوء ، وقال : توضأ يا أبا جبير ، فبدأ بفيه ، فقال عليه السلام : يا أبا جبير لا تبدأ بفيك ، فإن الكافر يبدأ بفيه ، ثم دعا عليه السلام بوضوء ، فغسل يديه حتى أنقاهما ، ثم تمضمض واستنشق ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا ، ثم مسح رأسه ، وغسل رجليه }انتهى .

                                                                                                        ورواه البيهقي في " سننه " فلم يقل فيه : عن نفير ، وتعقبه الذهبي في " مختصره " فقال : إنه سقط منه عن جده نفير ويراجع " ابن حبان " .

                                                                                                        وأما حديث أبي أمامة ، فرواه أحمد في " مسنده " أيضا .

                                                                                                        وأما حديث أنس ، فأخرجه الدارقطني في " سننه " عن معلى بن أسد ثنا أيوب بن عبد الله أبو خالد القرشي ، قال : { رأيت الحسن بن أبي الحسن البصري دعا بوضوء ، فجيء بكوز من ماء ، فصب في تور ، فغسل يده ثلاث مرات ، ومضمض ، ثلاث مرات ، واستنشق ثلاث مرات ، وغسل وجهه ثلاث مرات ، وغسل يديه إلى المرفقين ، ثلاث مرات ، ومسح رأسه وأذنيه ، وخلل لحيته ، وغسل رجليه إلى الكعبين ، ثم قال : حدثني أنس بن مالك أن هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم } ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث كعب بن عمرو اليامي ، فرواه أبو داود في " سننه " من حديث ليث بن أبي سليم عن { طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده ، قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ ، والماء يسيل من وجهه ، ولحيته على صدره ، فرأيته يفصل بين المضمضة [ ص: 66 ] والاستنشاق }انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه ، ثم المنذري بعده ، ورواه الطبراني في " معجمه " ، ولفظه : { فمضمض ، ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، }وسيأتي قريبا .

                                                                                                        وأما حديث أبي أيوب ، فرواه الطبراني في " معجمه " ، وإسحاق بن راهويه في " مسنده " من حديث واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ تمضمض واستنشق ، وأدخل أصابعه من تحت لحيته فخللها } ، انتهى .

                                                                                                        وبقية إسناد الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبي عن واصل به .

                                                                                                        وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى ، فرواه أبو يعلى في " مسنده " عن يزيد بن هارون أنا أبو الورقاء فائد بن عبد الرحمن عن ابن أبي أوفى ، قال : { أتي النبي صلى الله عليه وسلم فغسل يديه ، ثلاثا ثم مضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح برأسه وأذنيه وغسل رجليه }انتهى .

                                                                                                        ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد " من حديث محمد بن ميمون الزعفراني في " ترجمته " عن أبي الورقاء به ، وقال : محمد بن ميمون ثقة انتهى .

                                                                                                        وأما حديث البراء بن عازب ، فرواه أحمد أيضا في " مسنده " عنه ، { أنه قال لبنيه : اجتمعوا ، فلأريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، وكيف كان يصلي ، فإني لا أدري ما قدر صحبتي إياكم ، فجمع بنيه وأهله ، ودعا بوضوء . فمضمض واستنشق . وغسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا ، ثم اليسرى ثلاثا ، ثم مسح رأسه وأذنيه ، ظاهرهما وباطنهما ، وغسل رجله اليمنى ثلاثا ، واليسرى ثلاثا ، ثم قال : هكذا ما ألوت أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ } ، مختصر . [ ص: 67 ]

                                                                                                        وأما حديث أبي كاهل ، فرواه الطبراني في " معجمه " من حديث الهيثم بن حماد عن يحيى بن أبي كثير عن { أبي كاهل . واسمه قيس بن عائد قال : مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ادن مني أرك كيف تتوضأ للصلاة ، فقلت : يا رسول الله : لقد أعطانا الله بك خيرا كثيرا ، فغسل يده ثلاثا ، وتمضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا ، وغسل وجهه ، ثلاثا ، وغسل ذراعيه ثلاثا . ومسح رأسه ولم يوقت وغسل رجليه ولم يوقت ثم قال : يا أبا كاهل ، ضع الطهور منك مواضعه ، وبق فضل طهورك لأهلك ، ولا تشقن على خادمك }" انتهى رواه ابن عدي في " الكامل " ، وأعله بالهيثم ، ونقل عن يحيى بن معين أنه ضعفه .

                                                                                                        وعن أحمد أنه قال : منكر الحديث ، انتهى . وهذه الأحاديث في " صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم " لم أجد في شيء منها ذكر التسمية ، ولكنها في حديث ضعيف ، أخرجه الدارقطني في " سننه " عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة ، قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهورا سمى الله }.

                                                                                                        قال أبو بدر : كان يقوم إلى الوضوء فيسمي الله عز وجل ثم يفرغ الماء على يديه . انتهى .

                                                                                                        وأما حديث عبد الله بن أنيس ، فرواه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا علي بن سعيد الداري الرازي ثنا أبو كريب ثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن عبد الله ، قال حدثني عبد الرحمن بن عباد بن يحيى بن خلاد الزرقي ، قال : { دخلنا على عبد الله بن أنيس ، فقال : ألا أريكم كيف توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف صلى ؟ قلنا : بلى ، فغسل يديه ثلاثا ثلاثا ومضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ، ثلاثا . وذراعيه إلى المرفقين ، ثلاثا ثلاثا . ومسح برأسه مقبلا ومدبرا . ومس أذنيه . وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ، وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم صلى }انتهى قال الطبراني : لا يروى عن عبد الله بن أنيس إلا بهذا الإسناد . انتهى . أحاديث الأمر بالمضمضة والاستنشاق

                                                                                                        قال في " الإمام " : قال ابن عبد البر : أما لفظ الاستنشاق فلا يكاد يوجد الأمر به [ ص: 68 ] إلا في رواية همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينتثر } ، أخرجه مسلم .

                                                                                                        وفي حديث { لقيط بن صبرة ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائما } ، أخرجه الأربعة في " سننهم " قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وأخرجه ابن خزيمة . وابن حبان في " صحيحيهما " " ، والحاكم في " المستدرك " ، وفي رواية لأبي داود عن لقيط بهذا الحديث : { إذا توضأ فمضمض }انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو البشر الدولابي في " جزء جمعه من أحاديث سفيان الثوري " فذكر فيه المضمضة . والاستنشاق ، فقال : حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان الثوري عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة مرفوعا : { أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في المضمضة والاستنشاق ، إلا أن تكون صائما }انتهى .

                                                                                                        وذكره ابن القطان في كتابه " الوهم والإيهام " بسنده المذكور ، ثم قال : وهذا سند صحيح . وابن مهدي أحفظ من وكيع ، فإن وكيعا رواه عن الثوري . لم يذكر فيه المضمضة انتهى كلامه .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البيهقي في " سننه " عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمضمضة والاستنشاق }انتهى .

                                                                                                        وقال : رواه مرة أخرى . فأرسله . لم يقل فيه : عن أبي هريرة ، وأظن هدبة أرسله مرة ووصله أخرى ، وتابعه داود بن المحبر عن حماد فوصله . وخالفهما إبراهيم بن سليمان الخلال . شيخ ليعقوب بن سفيان فقال : عن حماد عن عمار عن ابن عباس بدل أبي هريرة ولم يثبت . ثم أخرج عن عصام بن يوسف ثنا عبد الله بن المبارك عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه }" .

                                                                                                        وفي لفظ : { من الوضوء الذي لا يتم الصلاة إلا به }" ثم أسند عن الدارقطني أنه قال : تفرد به عصام ووهم فيه ، والصواب عن ابن جريج عن سليمان بن موسى مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخرجه الدارقطني كذلك ، قال : والمرسل أصح ، هكذا رواه السفيانان [ وغيرهما ] ، [ ص: 69 ] انتهى كلامه .

                                                                                                        ( الحديث السابع ) : حكي { عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تمضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا أخذ في كل مرة ماء جديدا } ، قلت : رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا شيبان بن فروخ ثنا أبو سلمة الكندي ثنا ليث بن أبي سليم ، حدثني طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده كعب بن عمرو اليامي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، يأخذ لكل واحدة ماء جديدا ، وغسل وجهه ثلاثا ، فلما مسح رأسه قال : هكذا ، وأومأ بيده من مقدم رأسه حتى بلغ بهما إلى أسفل عنقه من قبل قفاه }انتهى .

                                                                                                        والحديث رواه أبو داود في " سننه " لكنه ليس صريحا في المقصود ، وبوب عليه " باب الفرق بين المضمضة والاستنشاق " ثم أسند عن ليث عن { طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره ، فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق }انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه أبو داود ، ثم المنذري بعده في " المختصر " ، وفي " المحيط " من كتب أصحابنا ، قال : هكذا حكاه علي . وعثمان من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك نقله الغزالي في " الوسيط " ، وتعقبه ابن الصلاح في " مشكلات الوسيط " . فقال : وهذا لا يعرف عن علي ولا عثمان ، بل عن علي خلافه { أنه عليه السلام تمضمض واستنشق بماء واحد } ، رواه أبو داود ، إنما احتج القائلون بالفصل بين المضمضة والاستنشاق بحديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده فذكره بلفظ أبي داود انتهى .

                                                                                                        وقال البيهقي في " سننه " : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا عباس بن محمد الدوري ، قال : قلت ليحيى بن معين : طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رأى جده النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال يحيى : المحدثون [ ص: 70 ]

                                                                                                        يقولون : إنه رآه ، وأهل بيت طلحة يقولون : ليس له صحبة ، وقال في " المعرفة " : كان عبد الرحمن بن مهدي يقول : جده اسمه عمرو بن كعب ، وله صحبة ، انتهى .

                                                                                                        قلت : ويدل على أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن سعد في " الطبقات " أخبرنا يزيد بن هارون عن عثمان بن مقسم البري عن ليث عن طلحة بن مصرف اليامي عن أبيه عن جده قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه هكذا ووصف فمسح مقدم رأسه وجر يديه إلى قفاه }انتهى بحروفه .




                                                                                                        الخدمات العلمية