الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 566 ] 69 - قوله: (ص): "إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر ..." إلى آخره.

قد استنكر هذا جماعة من الحنفية ومال معهم طائفة من الأصوليين كالقاضي أبي بكر وطائفة من الشافعية .

وحجتهم أن الذي يأتي من وجه إما أن يكون مرسلا أو مسندا. إن كان مرسلا فيكون ضعيف انضم إلى ضعيفا فيزداد ضعفا .

وجواب هذا ظاهر على قواعد المحدثين على ما مهدناه في الكلام على الحديث الحسن.

وحاصله: أن المجموع حجة لا مجرد المرسل وحده ولا المنضم وحده، فإن حالة الاجتماع تثير ظنا غالبا وهذا شأن لكل ضعيفين اجتمعا كما تقدم.

ونظيره خبر الواحد إذا احتفت به القرائن يفيد العلم عند قوم كما تقدم.

ومع أنه لا يفيد ذلك بمجرده ولا القرائن بمجردها. قالوا: وإن كان مسندا فالاعتماد عليه، فيقع المرسل لغوا، وقد قوى ابن الحاجب الإيراد الثاني.

وقد أجاب عنه المصنف بقوله: إنه بالمسند يتبين صحة الإسناد الذي فيه الإرسال حتى يحكم له مع إرساله بكونه صحيحا /.

وأجاب عنه الشيخ محي الدين بجواب آخر ذكره شيخنا، وهو أنه يفيد [قوة] عند التعارض.

[ ص: 567 ] قلت: وظهر لي جواب آخر وهو: أن المراد بالمسند الذي يأتي من وجه آخر ليعضد المرسل ليس هو المسند الذي يحتج به على انفراده بل هو الذي يكون فيه مانع من الاحتجاج به على انفراده مع صلاحيته للمتابعة.

فإذا وافقه مرسل لم يمنع من الاحتجاج به إلا إرساله عضد كل منهما الآخر، وتبين بهذا أن فائدة مجيء هذا المسند لا يستلزم أن يقع المرسل لغوا - والله الموفق - .

وقد كنت أتبجح بهذا الجواب وأظن أنني لم أسبق إلى تحريره حتى وجدت نحوه في المحصول للإمام فخر الدين . فإنه ذكر هذه المسألة ثم قال: "هذا في سند لم تقم به الحجة في إسناده" .

قلت: فازددت لله شكرا على هذا الوارد - والله الموفق - .

التالي السابق


الخدمات العلمية