الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1411 ) مسألة : قال : ( بلا أذان ولا إقامة ) ولا نعلم في هذا خلافا ممن يعتد بخلافه ، إلا أنه روي عن ابن الزبير أنه أذن وأقام . وقيل : أول من أذن في العيد ابن زياد . وهذا دليل على انعقاد الإجماع قبله ، على أنه لا يسن لها أذان ولا إقامة .

                                                                                                                                            وبه يقول مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد بلا أذان ولا إقامة ، فروى ابن عباس ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيدين بغير أذان ولا إقامة } . وعن جابر مثله . متفق عليهما . وقال جابر بن سمرة : { صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين ، بلا أذان ولا إقامة } . رواه مسلم .

                                                                                                                                            وعن عطاء ، قال : أخبرني جابر أن لا أذان يوم الفطر حين يخرج الإمام ، ولا بعد ما يخرج الإمام ، ولا إقامة ، ولا نداء ولا شيء ، لا نداء يومئذ ولا إقامة . رواه مسلم . وقال بعض أصحابنا : ينادى لها : الصلاة جامعة . وهو قول الشافعي .

                                                                                                                                            وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع . ( 1412 ) مسألة : قال : ( ويقرأ في كل ركعة منها ب " الحمد لله " وسورة ، ويجهر بالقراءة ) لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أنه يشرع قراءة الفاتحة وسورة في كل ركعة من صلاة العيد ، وأنه يسن الجهر ، إلا أنه روي عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا قرأ في العيدين أسمع من يليه ، ولم يجهر ذلك الجهر .

                                                                                                                                            وقال [ ص: 118 ] ابن المنذر : أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة ، وفي إخبار من أخبر بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه كان يجهر ، ولأنها صلاة عيد ، فأشبهت الجمعة . ويستحب أن يقرأ في الأولى ب ( سبح ) ، وفي الثانية بالغاشية .

                                                                                                                                            نص عليه أحمد ; لأن النعمان بن بشير ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة ب سبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية . وربما اجتمعا في يوم واحد ، فقرأ بهما } . رواه مسلم . وقال الشافعي : يقرأ ب ( ق ) و ( اقتربت الساعة ) .

                                                                                                                                            لما روي { أن عمر سأل أبا واقد الليثي : ماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ به في الفطر والأضحى ؟ فقال : كان يقرأ ب ق والقرءان المجيد ، و اقتربت الساعة وانشق القمر } . رواه مسلم . وقال أبو حنيفة : ليس فيه شيء يوقت وكان ابن مسعود يقرأ بالفاتحة وسورة من المفصل . ومهما قرأ به أجزأه ، وكان حسنا ، إلا أن الأول أحسن ; لأن عمر ، رضي الله عنه عمل به ، وكان ذلك مذهبه ، ولأن في ( سبح ) الحث على الصلاة ، وزكاة الفطر .

                                                                                                                                            على ما قاله سعيد بن المسيب ، وعمر بن عبد العزيز ، في تفسير قوله تعالى : { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } فاختصت الفضيلة بها ، كاختصاص الجمعة بسورتها . ( 1413 )

                                                                                                                                            فصل : وتكون القراءة بعد التكبير في الركعتين . نص عليه أحمد . وروي ذلك عن أبي هريرة ، وفقهاء المدينة السبعة وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ومالك ، والشافعي ، والليث .

                                                                                                                                            وقد روي عن أحمد أنه يوالي بين القراءتين . ومعناه أنه يكبر في الأولى قبل القراءة ، وفي الثانية بعدها . اختارها أبو بكر . وروي ذلك عن ابن مسعود ، وحذيفة ، وأبي موسى ، وأبي مسعود البدري والحسن ، وابن سيرين ، والثوري وهو قول أصحاب الرأي ; لما روي عن أبي موسى ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيره على الجنازة . ويوالي بين القراءتين } . رواه أبو داود .

                                                                                                                                            وروى أبو عائشة ، جليس لأبي هريرة { ، أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر ؟ فقال أبو موسى : كان يكبر أربعا تكبيره على الجنازة . فقال حذيفة : صدق . }

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين ، في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الثانية خمسا قبل القراءة } . رواه الأثرم ، وابن ماجه ، والترمذي ، وقال : هو حديث حسن ، وهو أحسن حديث في الباب .

                                                                                                                                            وعن عائشة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين سبعا وخمسا قبل القراءة } . رواه أحمد ، في " المسند " . وعن عبد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { التكبير في الفطر سبع في الأولى ، وخمس في الأخيرة ، والقراءة بعدهما كليهما } . رواه أبو داود ، والأثرم ، ورواه ابن ماجه عن سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك . وحديث أبي موسى ضعيف . قاله الخطابي

                                                                                                                                            وليس في رواية أبي داود أنه والى بين القراءتين ، ثم نحمله على أنه والى بين الفاتحة والسورة ، لأن قراءة الركعتين لا يمكن الموالاة بينهما ; لما بينهما من الركوع والسجود .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية