الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ( قال ) : وإن ذرعه القيء لم يفطر لما روينا ولقول ابن عباس رضي الله تعالى عنه الصوم مما دخل ، وإن تقيأ متعمدا فعليه القضاء لحديث علي رحمه الله تعالى موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من قاء فلا قضاء عليه ومن استقاء فعليه القضاء } ; ولأن فعله يفوت ركن الصوم ، وهو الإمساك ففي تكلفه لا بد أن يعود شيء إلى جوفه ولا كفارة عليه إلا على قول مالك رحمه الله تعالى فإنه يقول كل مفطر غير معذور فعليه الكفارة ولم يفصل في ظاهر الرواية بين مليء الفم ، وما دونه وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فرق بينهما ، وهو الصحيح فإن ما دون مليء الفم تبع لريقه فكان قياس ما لو تجشأ وملء الفم لا يكون تبعا لريقه ألا ترى أنه ناقض [ ص: 57 ] لطهارته فإن عاد إلى جوفه ، أو أعاده فقد روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله إذا ذرعه القيء فرده ، وهو يستطيع أن يرمي به فعليه القضاء وروى ابن مالك عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى أنه إذا ذرعه القيء فكان ملء فيه أو أكثر فعاد إلى جوفه فسد صومه تعمد ذلك ، أو لم يتعمد والمشهور أن فيه خلافا بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله فمحمد اعتبر الصنع في طرف الإخراج ، أو الإدخال ; لأنه يفوت به الإمساك وأبو يوسف يعتبر انتقاض الطهارة ليستدل به على أنه ليس بتبع لريقه حتى إذا ذرعه القيء دون ملء الفم ، وعاد بنفسه لم يفسد صومه بالاتفاق .

وإن أعاده فسد صومه عند محمد ولم يفسد عند أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وإن كان ملء الفم فعاد بنفسه فسد صومه عند أبي يوسف ولم يفسد عند محمد ، وإن أعاده فسد صومه بالاتفاق ، وإن تقيأ أقل من ملء فمه فإن عاد بنفسه يفسد صومه عند محمد ولم يفسد صومه عند أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وإن أعاده ففيه روايتان عن أبي يوسف في إحداهما لا يفسد صومه ; لأنه ليس بناقض لطهارته وفي الأخرى يفسد صومه لكثرة صنعه في الإدخال والإخراج جميعا فكان قياس ملء الفم

التالي السابق


الخدمات العلمية