الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو قال المصدق : هي وديعة أو لم يحل عليها الحول صدقه وإن اتهمه أحلفه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وأصل هذا أن لا زكاة على من بيده مال إلا بأوصاف ورد بها الشرع منها الملك والسوم والحول ، فإذا كان بيد رجل أربعون من الغنم فطالبه الساعي بزكاتها ، فذكر أنها ليست له وإنها بيده وديعة فينبغي للساعي أن يسأله عن مالكها ، فإن أخبر به ووقع في نفس الساعي صدق قوله لم يحلفه ، لأنه أمين مصدق ، وإن اتهمه وارتاب بقوله أحلفه استظهارا وجها واحدا ، لأنه أمين قد استند إلى ظاهر ، فإن امتنع من الإخبار بمالكها فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو الصحيح أن قوله مقبول ولا زكاة عليه ، فإن صدق لم يحلف وإن اتهم أحلف استظهارا كما لو أخبر بمالكها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو ضعيف ، يؤخذ منه الزكاة إذا امتنع من الإخبار بمالكها ؛ لأن لليد ظاهرا يدل على الملك ، وهذا غلط ؛ لأن اليد تدل على الملك إذا اعتبرت بدعوى صاحب اليد ، فأما مع إنكاره فلا اعتبار بيده ، ولو قال صاحب اليد : هي ملكي لكن لم يحل عليها الحول ، فالقول قوله ، وإن صدقه الساعي فلا يمين عليه ، وإن اتهمه أحلفه استظهارا ، لأنه في إنكار الملك والحول والسوم يرجع إلى ظاهر يعاضد قوله من غير إقرار يقدم بالوجوب ، فلذلك كانت اليمين فيه استظهارا ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية